خمسة مليارات دولار ( وليس دينار ) صرفت على اللافتات في العراق ؟
د . خالد القره غولي
.. سعر لافتة صغيرة نوع ( فلكس ) واحدة لا يقل عن عشرة آلاف دينار ويزداد السعر مع زيادة الحجم طبعا.. وتضاف أمور أخرى لتثبيت اللافتات في الأماكن العامة كالملحقات والصفائح الخشبية وأجور العمال ووجبة غداء أو عشاء للمكلفين بتثبيتها ونقلهم من منطقة إلى أخرى .. في العراق امتلأت شوارع وطرقات وساحات وحدائق وملاعب ومدارس ودوائر العراق وجامعاته ووزاراته ومصانعه وحتى جوامعه ومساجده وحسينياته وكنائسه بأكثر من 100 مليون لافتة مكتوبة ولافتة مصورة .. منها الثابتة وأخرى مؤقتة ، وتراوحت أحجامها بين المتر المربع الواحد وعشرين متراً مربعاً! أكثر من مئة مليون لافتة منذ عام 2010 تم صرف 5 مليارات دولار( وليس دينار) عليها في العراق!! هذا المبلغ الهائل وتلك الإحصائية لم تكن من نسج الخيال بل إستنادا إلى حقائق توصل إليها بحث علمي لزملاء باحثين في أحدى الجامعات العراقية.. والأمر لا يقف عند هذا الحد بل توصل الباحثون الى ان القيمة الحقيقية لهذه اللافتات لا تتجاوز 5% من قيمتها الحقيقية !أما بقية المبالغ فذهبت إلى جيوب الفاسدين واللصوص ويشير البحث إلى أن الانتخابات والمناسبات الدينية هما أكثر من يتم تصميم لافتات لهما وصرف مبالغ طائلة جدا بلا أي رقيب .. مؤشرات وتحذيرات أخرى أشار لها الباحثون ذكرتني بما يتداوله العراقيون في هذه الأيام عن قيام دائرة دينية بمستوى وزارة بصرف مبلغ يصل إلى نصف مليار دينار على تصنيع وتثبيت وعمل وتوزيع لافتات إحتفالا بذكرى مولد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم .. أخاطب سيدي الرسول أولا أيقبل بهذا التصرف؟ أيرضى أن تهدر وتبذر أموال الفقراء على لافتات مصيرها التمزيق خلال ساعات بينما يتضور ملايين العراقيين من الجوع والعوز والنزوح والتهجير .. أيرضى مسؤولو هذه الوزارة وغيرها من وزارات الدولة وما يسمى بمجلس النواب بضياع أموال العراقيين على لافتات يمكن الاستعاضة عن مئة لافتة منها بلافتة واحدة.. أيعلم هؤلاء أن أقل مبلغ يصرف على لافتة قد تكتب به حياة إنسان .. قد نشتري حليبا لطفل نازح جائع .. قد نشتري بطانية لأطفال أو شيوخ سحقهم البرد وأبكاهم .. قد نجمع مبلغ عدة لافتات ونعمر بها مدرسة أو شارعا أو نبني جامعة أو جسرا أو مستشفى .. أيها المحتفلون بموتنا إعلموا أن لافتاتكم ستشهد عليكم أمام الله بأنكم ظلمتم الفقراء ونهبتم وسرقتم قوت المساكين والنازحين في المخيمات.. ولله الأمر.
