خلافة الفخفاخ.. تباين قد يدفع رئيس تونس لجمع السلطتين
حالة من التباين تعيشها تونس مع انتهاء المهلة أمام الأحزاب لتقديم مقترحاتها لرئيس البلاد، قيس سعيد؛ لاختيار خليفة رئيس الوزراء المستقيل إلياس الفخفاخ.
ووفق سياسيين فإن حالة عدم التوافق قد تدفع “سعيد” لتطبيق الفصل 80 من الدستور الذي يعطيه صلاحيات إيقاف عمل البرلمان وتولي رئاسة الحكومة إلى جانب رئاسة الجمهورية.
وانتهت المهلة القانونية أمام الأحزاب البرلمانية لتقديم مقترحات لخلافة رئيس الحكومة المستقيل، إلياس الفخفاخ، حيث انحصرت الأسماء المرشحة بين شخصيات ذات بعد تقني اقتصادي، وأخرى سياسية.
واستقال الفخفاخ الأسبوع الماضي بعد ضغوط واتهامات له وقفت وراءها حركة النهضة بالتربح من منصبه جراء رفضه تعيينات إخوانية على رأس وزارات سيادية.
ورشحت كل من حركة النهضة (54 مقعدا)، وحزب قلب تونس (26 مقعدا) وزير المالية الأسبق سنة 2017 الفاضل عبد الكافي، والقيادي السابق في حزب التكتل الاشتراكي خيام التركي.
في المقابل، طرح حزب تحيا تونس (11مقعدا) ثلاثة أسماء لتولي رئاسة الحكومة وهي وزيرة الصحة السابقة سنية بالشيخ (طبيبة) ،ورجل الاقتصاد حكيم بن حمودة، ورئيس الجامعة التونسية لكرة القدم وديع الجريء.
بينما رشحت الكتلة الديمقراطية (38مقعدا) قيادات سياسية في حزب التيار وهم غازي الشواشي (وزير حالي في حكومة الفخفاخ ) ومحمد عبو (وزير الوظيفة العمومية).
في حين رشحت الكتلة الوطنية (11مقعدا) النائب ورئيس فريق النجم الساحلي رضا شرف الدين لتولي رئاسة الحكومة.
ومن المنتظر أن يعلن الرئيس قيس سعيد قبل يوم 26 يوليو/تموز عن الاسم الذي سيتولى تشكيل الحكومة، في واقع سياسي تونسي يتسم بالتأزم والصراعات المفتوحة، حسب العديد من المتابعين.
الأسماء المطروحة غلب عليها الطابع “التكنوقراطي”، وهي في مجملها شخصيات لا تنتمي إلى الحقل السياسي باستثناء كل من محمد عبو وغازي الشواشي.
عدم توافق
الكاتب الصحفي التونسي، محمد بوعود، قال إن التوجه إلى اختيار أسماء مستقلة هو نتيجة لعجز الكتل البرلمانية المتنافسة على فرض أسماء سياسية جامعة تستطيع إذابة جليد الخلافات الحادة بين مختلف فرقاء المشهد السياسي في تونس.
وأوضح بوعود، في تصريحات اطلعت عليها ( الاولى نيوز ) أن الأسماء المرشحة لم يعرف عنها انتماء سياسي واضح، وحتى مرور خيام التركي (حزب التكتل ) أو سنية بالشيخ (تحيا تونس) بالعمل الحزبي سابقًا، فقد كان مرورا خافتًا.
وأضاف: “لقد التحقت أسماء جديدة ببورصة العمل السياسي والتي قد تجد حظوظا وافرة مثل رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم وديع الجريء، الذي تولى رئاسة الجامعة منذ سنة 2011، أو رئيس النجم الساحلي التونسي رضا شرف الدين”.
رحلة البحث عن نيل الثقة
من المؤكد أنه بعد اختيار شخصية لتشكيل الحكومة التونسية ستنطلق مشاورات حزبية لتحديد خارطة الحكم القادمة، والتي تنقسم إلى معسكرين.
يضم الأول تحالف ثلاثي يجمع النهضة الإخوانية بحزب قلب تونس وكتلة ائتلاف الكرامة، في حين يضم المعسكر الثاني كل من حزبي التيار الديمقراطي وحركة الشعب القومية وحزب تحيا تونس.
الناشط السياسي، عبد الجبار عيادي، قال، في تصريحات اطلعت عليها ( الاولى نيوز ) ، إن كلا المعسكرين لا يمتلكان أغلبية 109أصوات، وهو ما يجعل كل من أصوات كتلة الدستوري الحر (16مقعدا)، وكتلة المستقبل (9 مقاعد)، وكتلة الإصلاح (15مقعدا) أصوات حاسمة في نيل ثقة الحكومة القادمة.
ولا يعتقد العيادي، وهو ناشط نقابي باتحاد الشغل، أن الحكومة الجديدة ستمر بأغلبية ساحقة، وإنما ستحكم فيها أصوات صغيرة، إما بإعطائها الثقة أو إسقاطها، وبالتالي قد تمر البلاد إلى مرحلة جديدة يكون فيها حل البرلمان السبيل الوحيد.
دعوات لتغيير الدستور
ويرجع الكثير من الخبراء في تونس الأزمة السياسية المفتوحة، وعدم الاستقرار الحكومي إلى النظام السياسي الذي أرساه دستور سنة 2014.
وقد وضع الدستور لتونس نظاما برلمانيا يعطي فيه صلاحية أكبر للأحزاب، وهو ما يجعل كل الحكومات رهينة التوافقات الحزبية الهشة.
ودعا حزب “مشروع تونس” الذي يترأسه محسن مرزوق، المستشار السابق للرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، إلى ضرورة تغيير النظام السياسي الذي لا يخدم إلا حركة النهضة الإخوانية.
وبين الحزب في بيانات متتالية خلال الفترة الأخيرة أن حركة النهضة تستغل هشاشة الوضع السياسي في تونس، وضعف السلطة المركزية لتنفيذ مخططاتها.
من جانبه، أكد الاتحاد العام التونسي للشغل على أن الازمة السياسية الحالية هي نتيجة للقانون الانتخابي، داعيا إلى ضرورة الذهاب لانتخابات مبكرة.
ومنذ استقالة الفخفاخ الأسبوع المنقضي، انفتح نقاش عميق في تونس حول أفق الازمة السياسية وأدوات معالجتها، قد يراها البعض فرصة لقيس سعيد لتطبيق الفصل 80 من الدستور الذي يعطيه ضمن تأويلات القانون الدستوري الصلاحيات الكاملة لإيقاف عمل البرلمان وتولي رئاسة الحكومة إلى جانب رئاسة الجمهورية.
الاولى نيوز – متابعة