خطاب الكراهية.. مسموح أم ممنوع؟
خطاب الكراهية.. مسموح أم ممنوع؟فاتح عبد السلام
منذ سنوات أدعو عبر هذه الزاوية الى تبني تشريع يجرّم الطائفية في العراق، ولا أحد يصغي، برغم من انني اعلم ان هكذا تشريع يزلزل عروش السياسيين وحواشيهم والمنتفعين منهم، وان تحقيقه ضرب من الخيال. اليوم كم تبدو الحاجة كبيرة للتوافق على تشريع يجرّم الكراهية التي من الممكن ان تجر البلد الى مهاوي الردى والتفسخ.البلد محكوم اليوم في توافقات سياسية، لكنها ليست معنية بضبط حركة المجتمع وايقاعاته لطرد الأصوات الناشزة التي تنتعش في مناسبات دينية او تاريخية او سياسية ايضاً. خطاب الكراهية له اشكال مختلفة من الممكن ان يكون متجسدا في تصريح من قطب سياسي او في قصيدة شاعر أو من خلال اغنية شعبية أو نص في كتاب مدرسي أو خطبة في جامع أو عبر انشودة رادود.لقد نزف العراق كثيرا، وفقدَ من أبنائه وثرواته وعمره الكثير في وقت قصير، من أجل محاربة الإرهاب الذي يستند في فعله الحربي والتدميري الى نظرية الكراهية المتضمنة فكرة إلغاء الآخر. غير انّ هناك مسارات كثيرة لا تزال الكراهية فيها متاحة من دون رقابة من الدولة او مسؤولية الجهات ذات الصلة، ومن هنا، نخشى ان تكبر التراكمات التي ظننّا انّها أزيلت منذ أن عادت الانفاس الى حالة مستقرة من المستوى الطبيعي في الحياة اليومية.أصحاب المسؤولية من رسميين وغير رسميين، سوف يندمون يوم لا ينفع الندم إذا ظنوا ان خطاب الكراهية الذي يتغذون عليه اليوم ستدوم فائدته لهم ولن ينقلب ضدهم ويبتلعهم
. لذلك ينبغي ان لا تضيع فرص تصحيح المسارات من اجل بناء الحياة المدنية المستقرة في مجتمع تعددي في نسيجه الاجتماعي، ولن يكون لونا واحدا او مُصادَرا من ارادات واجندات مهما كانت الموجة عالية.لماذا يبدو النواب المفترض انهم يمثلون الشعب غائبون الى هذه الدرجة عن تشخيص المسارات الخاطئة التي تقود لنمو خطاب الكراهية؟ أيّ مجلس نيابي هذا الذي ليس همّه سوى توقيتات توزيع المناصب؟انّ عوام الناس الواقعين تحت تأثيرات ابواق دعاية كثيرة، لن يستطيعوا الإجابة عن سؤال حيوي هو، هل انّ خطاب الكراهية واللعب به وتوظيفه في توقيتات حسب الاهواء، مسموح أو ممنوع؟من هنا تأتي الخطورة، فانتظروها أو تداركوها.