خارطة طريق لاختيار الوزراء
فاتح عبد السلام
استمرار طرح وزراء هزيلين على مدار عشرين سنة الا مَن رحم ربي، متوالية لا نهاية لها مادامت طريقة ترشيح الوزير للمنصب حزبية على مبدأ المحاصصة، لا كفاءة ولا خبرة في المعايير بالرغم من أكذوبة التكنوقراط التي يغطون بها الفشل والهزال. يظنّون من ضمن أوهامهم انّ مجلس النواب هو المصفى الذي تمر من خلاله الكفاءة التي تصلح لمنصب وزير، من دون أن يتوقفوا عند حقيقة تكوين مجلس النواب ذاته وضحالة المستويات الثقافية والعلمية والإدارية فيه، فكيف له أن يكون حكماً في إجازة منح درجة وزير وهو بهذا الحال
. مجلس النواب ليس المكان الصحيح الذي يمكن ان يفرز قيادات وزارية تقود حكومة بلد مثل العراق، بحاجة الى وزير قائد وليس وزيراً يُقاد من رئيس كتلته او تحالفه او ولي نعمته الذي فرضه على التشكيلة، او يقاد من كارتلات الفساد المعشعشة على مدار كل الحكومات في مفاصل المديريات العامة في كل وزارة.حكومة بعد أخرى، والآمال تتضاءل في ظهور الكفاءات القيادية ذات الرؤية البنائية للبلد، ولا يزال الأرشيف حياً وناطقاً بما يحوي من كمية هائلة من تلك التصريحات التي تحدثت عن عناية فائقة في اختيار الشخص المناسب للمكان المناسب، ليتكشف العراقيون بعد أيام وليس شهوراً أو سنوات كم كانوا مُضللين، وأنَّ المنصب ليس أكثر من حقل تجارب، إذ حين يتردى الوضع الاختصاصي لوزارة معينة يتم طي الامر ونسيانه، ليأتي بعده مَن يعمق مسار الانحدار، أو يجترح طريقاً منحدراً آخر بدعم من القوى التي نقلته من نكرة الى معرفة.
لابد أن تكون هناك هيئات متخصصة تقابل المرشحين بطريقة نزيهة، وليس بطريقة مقابلتهم في جلسات ليلية منزلية من أقطاب المشهد السياسي ليبصموا على مسار الضلالة قبل الشروع بالمنصب الوطني. ثمّ بعد ذلك لابدّ من مقابلة دقيقة ومحايدة مع رئيس الحكومة المكلف، لكي يكون له رأي في الشخص الذي يجري اختياره، وهنا لا يمكن أن تكون النتيجة إيجابية ما لم يتحاور الرئيس المكلف مع المرشحين في أدق التفاصيل، وبعد ذلك من الضروري أن يخضع الوزراء لدورة تدريبية في أصول الإدارة من هذا الموقع بما فيها الاتيكيك والمراسم والتعامل الخارجي، لأنّ الوزير يكون وجه العراق في كل زيارة الى دول العالم. ومَن لا يقبل بمسار الاختبار والتدريب والتعلم، لا يصلح للمنصب، فالوزير ركن من أركان الدولة لبضع سنوات، وعلينا أن نتأكد من نوعية تلك الأركان، لكي لا يسخر منّا العالم كما في كل مرّة.