حين يتحول الإعتراض الى عادة
هادي جلو مرعي
تتحول بعض السلوكيات والأفكار الى عادة يدمنها الإنسان. كأن يقول لك أحدهم: أنا إعتدت عليك بأخطائك وبحسناتك، وكيف ماتكون فلاأستطيع الإفتراق عنك.وتعودنا في بلادنا أن ننتقد ونعتاد على النقد والإعتراص، وفي أزمنة الدكتاتورية ننتقد في السر، ونشتم في السر، ونعبر عن بطولاتنا الوهمية في السر ونحن نواجه كل متسلط لايعترف بوجودنا ونعترض على ذلك في السر، ثم نعتاد ذلك، كما يعتاد الطفل على قضم أظفاره وتنمو معه هذه العادة الى أن يكبر، فتراه يقضم أظفاره بالرغم من وجوده في مجتمع من حوله، وناس يرون مايفعل، وينتقدون ذلك، ويقرفون منه، ولكنه يواصل عادته تلك بلاتردد، ولايبذل جهدا للتخلص منها. حين تزول بعض مظاهر التسلط، أو تنتشر الفوضى، وحين لاتمسك منظومة الحكم بتلابيب القوة والنفوذ والهيمنة فلايعود الناس يشعرون بمايخيفهم، ويتصرفون كيف يشاؤن، ولايخشون المراقبة والمحاسبة، أو حين تنشغل المنظومة تلك بفسادها ومصالحها وتنفصل عن الشعب ولاتعود تهتم لصراخه ومعاناته يجد الناس أنهم يعترضون وينتقدون ويشتمون، ويخرجون الى الشوارع دون خشية من الردع الكامل بإستثناء مواجهات مع عناصر أمن قد تقتل وتصيب البعض منهم، وقد تتحول المواجهة الى بطولات إستعراضية عبر مواقع التواصل الإجتماعي لكنها لاتغير في الواقع بل تمنح منظومة الحكم الفرصة لمعرفة مكامن الخلل في سطوتها وليس الخلل في إدارة شؤون الناس وتعويضهم وتلبية حاجاتهم، فيتمكنون بعد ذلك من التلاعب في الأحداث ولايخشون حراك الشارع الذي إعتاد على الإحتجاج، وإعتاد على الرفض، وإعتاد أن يعترض وينتقد، ولكنه إعتراض غير منتج، وغير ذي قيمة، فلا المنظومة الحاكمة غيرت سلوكها، ولاحاجات الناس تمت تلبيتها ولو بمستوى بسيط، ثم يفاجأ الذين يعترضون إنهم متهمون بأنهم جزء من مؤامرة كونية، ويستمر سلوك الإستعراض من الطرفين، وتستمر معاناة الناس الذين يفتقدون وجودهم وكرامتهم وحاجاتهم الطبيعية. حين يتحول الإعتراض الى عادة فإن كل مظهر إيجابي ومنجز لايجد إهتماما من الذين تعودوا الإعتراض، وحتى حين تتاح فرصة للمجتمع ليتنفس، وحين يكون هناك عمل في موضع ما يرفضه المعتادون، ويحرضون الناس على التهوين من شأنه، والإستمرار في نقد كل شيء، ورفض كل شيء، وقد يصاب العاملون في في إدارات الدولة بالإحباط لأن الناس تعودوا الرفض وصاروا لايتقبلون حتى النجاح ويظنونه وهميا وزائفا وسرعان ماسيتحول الى العدم ولاتأثير له ولاقيمة حقيقية، ومكمن الخطر في ذلك هو تعزيز عامل عدم الثقة بين الحاكم والمحكوم، فالأخير تعود فشل الحاكم، وعدم الجدية في العمل والفوضى والفساد، وصعب عليه تصديق إمكانية التغيير وجدية المسؤول في العمل، فقلت فرص التعاون، ولم يجد المسؤول رغبة لدى الناس في المحافظة على أي منجز ورعايته سواء كان حديقة عامة، أو شارعا، أو مؤسسة صحية، أو تربوية. مرت دول عدة بعد حروب ونكسات وفوضى بتجارب مماثلة، ولكنها نجحت بعد أن وضعت إستراتيجية أدارة واضحة، وإعتمدت على الإكفاء من العاملين في قطاعات التنمية الإقتصادية والبحثية والعلمية الذين غير المسار، ووضعوا دولا عدة على السكة، وبعد أن كان الألمان يأكلون الحشائش بعد إجتياح برلين صاروا في الريادة، وبعد أن سحقت اليابان، وركع حاكمها عند قدمي الجنرال الأمريكي صارت تعرف اليوم ب(كوكب اليابان) وبعد أن كانت الصين مرتعا للمخدرات والجوع والحروب الأهلية صارت اليوم الأولى في التنمية والتطور والتقدم، ولابد من عبرة في ذلك فمن لايعتبر فهو أحمق، أو متآمر، أو فاسد غيب الضمير.حين يتحول الإعتراض الى عادةهادي جلو مرعيتتحول بعض السلوكيات والأفكار الى عادة يدمنها الإنسان. كأن يقول لك أحدهم: أنا إعتدت عليك بأخطائك وبحسناتك، وكيف ماتكون فلاأستطيع الإفتراق عنك.وتعودنا في بلادنا أن ننتقد ونعتاد على النقد والإعتراص، وفي أزمنة الدكتاتورية ننتقد في السر، ونشتم في السر، ونعبر عن بطولاتنا الوهمية في السر ونحن نواجه كل متسلط لايعترف بوجودنا ونعترض على ذلك في السر، ثم نعتاد ذلك، كما يعتاد الطفل على قضم أظفاره وتنمو معه هذه العادة الى أن يكبر، فتراه يقضم أظفاره بالرغم من وجوده في مجتمع من حوله، وناس يرون مايفعل، وينتقدون ذلك، ويقرفون منه، ولكنه يواصل عادته تلك بلاتردد، ولايبذل جهدا للتخلص منها. حين تزول بعض مظاهر التسلط، أو تنتشر الفوضى، وحين لاتمسك منظومة الحكم بتلابيب القوة والنفوذ والهيمنة فلايعود الناس يشعرون بمايخيفهم، ويتصرفون كيف يشاؤن، ولايخشون المراقبة والمحاسبة، أو حين تنشغل المنظومة تلك بفسادها ومصالحها وتنفصل عن الشعب ولاتعود تهتم لصراخه ومعاناته يجد الناس أنهم يعترضون وينتقدون ويشتمون، ويخرجون الى الشوارع دون خشية من الردع الكامل بإستثناء مواجهات مع عناصر أمن قد تقتل وتصيب البعض منهم، وقد تتحول المواجهة الى بطولات إستعراضية عبر مواقع التواصل الإجتماعي لكنها لاتغير في الواقع بل تمنح منظومة الحكم الفرصة لمعرفة مكامن الخلل في سطوتها وليس الخلل في إدارة شؤون الناس وتعويضهم وتلبية حاجاتهم، فيتمكنون بعد ذلك من التلاعب في الأحداث ولايخشون حراك الشارع الذي إعتاد على الإحتجاج، وإعتاد على الرفض، وإعتاد أن يعترض وينتقد، ولكنه إعتراض غير منتج، وغير ذي قيمة، فلا المنظومة الحاكمة غيرت سلوكها، ولاحاجات الناس تمت تلبيتها ولو بمستوى بسيط، ثم يفاجأ الذين يعترضون إنهم متهمون بأنهم جزء من مؤامرة كونية، ويستمر سلوك الإستعراض من الطرفين، وتستمر معاناة الناس الذين يفتقدون وجودهم وكرامتهم وحاجاتهم الطبيعية. حين يتحول الإعتراض الى عادة فإن كل مظهر إيجابي ومنجز لايجد إهتماما من الذين تعودوا الإعتراض، وحتى حين تتاح فرصة للمجتمع ليتنفس، وحين يكون هناك عمل في موضع ما يرفضه المعتادون، ويحرضون الناس على التهوين من شأنه، والإستمرار في نقد كل شيء، ورفض كل شيء، وقد يصاب العاملون في في إدارات الدولة بالإحباط لأن الناس تعودوا الرفض وصاروا لايتقبلون حتى النجاح ويظنونه وهميا وزائفا وسرعان ماسيتحول الى العدم ولاتأثير له ولاقيمة حقيقية، ومكمن الخطر في ذلك هو تعزيز عامل عدم الثقة بين الحاكم والمحكوم، فالأخير تعود فشل الحاكم، وعدم الجدية في العمل والفوضى والفساد، وصعب عليه تصديق إمكانية التغيير وجدية المسؤول في العمل، فقلت فرص التعاون، ولم يجد المسؤول رغبة لدى الناس في المحافظة على أي منجز ورعايته سواء كان حديقة عامة، أو شارعا، أو مؤسسة صحية، أو تربوية. مرت دول عدة بعد حروب ونكسات وفوضى بتجارب مماثلة، ولكنها نجحت بعد أن وضعت إستراتيجية أدارة واضحة، وإعتمدت على الإكفاء من العاملين في قطاعات التنمية الإقتصادية والبحثية والعلمية الذين غير المسار، ووضعوا دولا عدة على السكة، وبعد أن كان الألمان يأكلون الحشائش بعد إجتياح برلين صاروا في الريادة، وبعد أن سحقت اليابان، وركع حاكمها عند قدمي الجنرال الأمريكي صارت تعرف اليوم ب(كوكب اليابان) وبعد أن كانت الصين مرتعا للمخدرات والجوع والحروب الأهلية صارت اليوم الأولى في التنمية والتطور والتقدم، ولابد من عبرة في ذلك فمن لايعتبر فهو أحمق، أو متآمر، أو فاسد غيب الضمير.