الاولى نيوز / بغداد
في ظل مسجد الامام الحمزة في منطقة مملكة بابل القديمة، أصبح سوق السجاد اليدوي الذي كان ممتلئا فارغا تقريبا والزائر الوحيد لمحل حمد السلطاني الصغير في مدينة الحمزة وسط العراق على بعد 175 كيلومتر جنوب بغداد هو شيخ عشيرة محلي.
لا شيء في العالم يمكن أن يقنع الشيخ حازم الحيالي، الذي يرتدي الكوفية على رأسه والعباءة على كتفيه والشال الأخضر على عنقه، باستبدال السجاد التقليدي الذي يقدمه لضيوفه على النوعيات المستوردة، فعلى مدى السنوات القليلة الماضية، غرق العراق بالسجاد القادم من الخارج، وعلى الرغم من كونها أرخص بكثير، لكن مواصفاتها اقل بكثير أيضا كما يصر على ذلك.
يقول الشيخ الحيالي إنه ” لا يمكن أن اتحمل او حتى اتخيل أن الديوان (غرفة الاستقبال التقليدية) ، حيث يرتشف الزوار الشاي والدردشة ، دون السجاد الطويل المزين بالأنماط الهندسية “.
وأضاف أنه ” بجمال السجاد يمكن للمرء ان يحكم على الديوان ” مشيرا بأصابعه الى السجاد المعلق بحلقات في المحل الصغير، ومؤكدا ” لقد نسجت امهاتنا وجداتنا في المنزل مثل هذا السجاد.
حمد السلطاني صاحب المحل البالغ من العمر 32 عاما والذي ورث المكان من والده قال إن ” الأجيال الأكبر سنا من النساء كن يطرزن أيضا سروجا للجمال واغطية للخيل، لكن أصناف كهذي أصبحت تباع في أيامنا الحالية كديكورات فقط”.
النساج مهدي صاحب قضى 50 عاما من العمل على النول ويستطيع التكلم لعدة ساعات بشأن التاريخ الغني وتعقيدات صناعة السجاد في العراق، حيث يستخدم صاحب الذي يبلغ من العمر الان 70 عاما كلمات طويلة ومنسية من الماضي أصبحت غير مألوفة لدى العراقيين الأصغر سنا.
انها كلمات موروثة من اللغة التركية التي استخدمت اثناء الإدارة العثمانية للبلاد قبل 100 عام مضت وهي تصف اختلاف الألوان وأنواع الصوف في تلك المنطقة الزراعية حيث تنتشر فيها الماشية على نطاق واسع.
وقال مسؤول الاثار السابق في بابل فلاح الجباوي ” في كل يوم تأتي حوالي عشرين مجموعة من السياح لزيارة المواقع الاثرية في بابل وغيرها من الكنوز القديمة، لكن في الوقت الحالي لا يأتي الكثير لرؤية هذا التراث المتبقي منذ آلالاف السنين”، مضيفا ” لقد بقي من الزوار العراقيين فقط “، وبالتالي فان هذا التأثير لم ينعكس على المناطق التراثية فقط وانما أيضا على أصحاب الحرف القديمة مثل الحياكة الذين كانوا يبيعون بعض السجاد والمطرزات الفلكلورية الى السياح أيضا.
وتعزى صناعة السجاد العراقي الى البابليين الذين حكموا قبل 2000 عام من ولادة المسيح او الاشوريين الذين تلوهم، وفي الوقت نفسه توجد في نقوش المسجد دوائر ومربعات وربما نجمة داود او الصليب المسيحي او حتى بعض النقوش الإسلامية.
في الكثير من منازل المنطقة سجاد ارضي متوارث من اسلافها في حين أن مكاتب كبار المسؤولين العراقيين او الفنادق الفاخرة مزينة بالبضاعة التقليدية المستوردة، اما في الأسواق فان معظم الأنواع الجديدة يتم انتاجها بكميات كبيرة في إيران او تركيا او سوريا المجاورة وهي رخيصة الثمن.
هذه الصناعة اليدوية في العراق والتي كانت في يوم ما مدعاة للفخر، أصبحت تتراجع مما يدل على ان تراث العراق المنوع مهمل ويتم تجاهله فيما يقول صاحب ” لا الدولة ولا القطاع الخاص يدعمون صناعة السجاد”.