حياة الشعب العراقي..وأرادات السياسين
حكمت مهدي جبار
أن مصلحة الشعب أي (شعب) والعمل على تحقيق اهدافه ومصالحه هو من اهم الواجبات الشرعية والاجتماعية للذين يرعون الشعب والذين تبرعوا ونذروا انفسهم لخدمته عندما ارتضوا بخوض معركة الانتخابات ليكونوا نوابا عنه يمثلونه كسلطة تشريعية امام السلطتين التنفيذية المتمثلة بالحكومة ومؤسساتها والقضاء المتمثل بالقوانين العادلة.تبقى حياة الشعب ومصيره بيد اولئك الذين نعتبرهم ولاة امور بعد الله تعالى.فهم الذين يخططون ويرسمون ويشرعون وينفذون ويصدرون القوانين في سبيل حياة مرفهة يجد فيها الانسان انسانيته ويمارس حريته ويعبر عن رأيه كما يشاء وفق الدستور والقانون والنظام والقيم الاخلاقية والاجتماعية المتعارف عليها..هذا اذا كان الشعب يعيش فعلا الديمقراطية والحرية التي جاء بها او من جيء بها ليقدمها لتكون نظاما سياسيا جديدا..وانه اذا كانت مصلحة الشعب العراقي تهم السياسيين بسلطاتهم الثلاث فعليهم ان يبحثوا عن كل ما يحترم ارادة الشعب ويحقق اهادفه وآماله.سواء في النظم او البرامج او المناهج او حتى فلسفات الدولة او الحكومة.فأن الشعب همه ومشكلته هو انه يريد ان يأكل ويشرب ويمارس حياته الحرة الكريمة ويحافظ على تاريخه ووجوده وسمعته كشعب عريق..أما عندما يكون الشعب في ظل ديمقراطية وحرية فأن السياسي فيه يكون مسؤولا اكثر واكثر كونه هو الذي اختار ان يرشح نفسه ليخدم الشعب لا ليكون موظفا يتقاضى الراتب والهبات والمكافآت.علما ان النائب في البرلمان هو كالحزبي نذر نفسه ليدافع عن مباديء آمن بها ووجد فيها انها خلاص لشعبه واهله ووطنه.وما يتقاضاه من اموال ليس رواتب انما مكافآت مقابل جهده ونضاله وكفاحه. لقد خاض البرلمان العراقي تجربة عمرها اكثر من سبعة عشر عاما.في ظل الديمقراطية والحرية لكننا لم نشهد ما هو يخدم الشعب ويطور حياته ويبني بلده.بل شهدنا المشاكل تلو المشاكل والمصائب تلو المصائب من جراء هذا البرلمان الذي لم نرى منه سوى الشعارات والحماس الفارغ والشعارات البراقة الملتهبة التي سرعان ما تهفت كما تهفت نار الادغال عندما تشتعل ثم تنطفيء.ولم يحرك البرلمان ساكنا ازاء ما وقع من مصائب على العراقيين في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وغيرها..فظل متشبثا بنظام واحد (البرلماني) بحجة انه نظام قائم على الفصل المرن بين السلطات، والذي يسمح بالتعاون فيما بينها يقوم على التفاهم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولهذا النظام ضمانات تتضمنها الدساتير. فضلا عن انه جاء ليكون اشبه بفسحة حرية وتحرر من نظام فردي قائم على اساس سياسة الحزب الحاكم الواحد والزعيم الدكتاتوري..فهو اذن الافضل والاحسن من الانظمة السابقة.وهو شيء حسن بالتأكيد.ولكن التجارب البرلمانية ليست كلها صائبة وتتناسب مع حياة شعب من الشعوب رغم ما تضمه من حريات وديمقراطيات. فاختلاف البيئة الداخلية والخارجية لهذه الدولة أو تلك قد كان لها دور بارز وواضح في نجاح أو عدم نجاح هذه التجربة ولعل فشل التجربة البرلمانية العراقية في عشرينات القرن المنصرم خير دليل على ذلك.فليس كل دولة فيها بيئة سياسية تتقبل وجود ثنائية الجهاز التنفيذي.ولاوجود تعاون وتوازن ما بين السلطات.ولاجود نوع من الصرامه الحزبية أو الانضباط الحزبي.وعلى هذا الاساس وإن كان هذا الكلام قد أنطبق على الدول المتقدمة ديمقراطياً لكنه لا ينطبق في حقيقة الأمر على الدول ذات التجربة السياسية الحديثة مثل العراق والتي تفتقد إلى الجذور الديمقراطية والى ترسيخ قواعد وأحوال ممارسة العمل الحكومي بأسلوب ديمقراطي. نحن هنا امام المشهد السياسي العراقي المضطرب حتى الآن.نقول: ماالضير من البحث في وجود نظام سياسي بديل يرضي الشعب ويرضي الحكومة والبرلمان والدولة والقضاء. ولماذا التشبث في نظام لم نجد منه سوى الويلات والمصائب..فلماذا التمسك بما ندعوها بالديمقر اطية وهي التي ذبحتنا ودمرتنا وصارت ديمقراطية موت وليست ديمقراطية حياة؟! لماذا الخوف من ان نجرب النظام الرئاسي؟ انه اذا كان البعض يخشى النظام الرئاسي من ان ينتج لنا رئيس دولة دكتاتوري جديد فما هو حكم المئات من الذين يمارسون اليوم سياسات اكثر من الدكتاورية بوجوه مقنعة ومن خلال غطاء الحرية والديمقراطية. لذلك نرى ان على السياسيين اليوم ان كانو فعلا وطنيين وحريصين على مصلحة الشعب وحياته وتاريخه ومصيره ان لايخشوا من البحث عن بديل ولايخافوا من النتائج ذلك لان القصد شريف والنية صافية مع الشعب والوطن..وحتى فيما لو عمل بالنظام الرئاسي وانتخب رئيس دولة وصار هو صاحب السلطات والقرارات ولنقل دكتاتوريا وشعر الشعب بالطمأنينة والراحة فما الضير من ذلك؟ علما بأن السياسيين يعرفن بطبيعة وخصائص الفرد العراقي والمجتمع كونه شعب يحب الرمز والفروسية والرجل الواحد والزعيم الهمام ويحب الحماسة والتمثل بالقائد المغوار..تلك حقائق نعرفها جميعا عن خصوصياتنا وطبائعنا. لنفترض ان بعض المثقفين من السياسيين والمفكرين والمحللين يقولون انه اذا اقدمت الحكومة والبرلمان على العمل بالنظام الرئاسي لتسيير امور الدولة ومهامها فأننا سوف نشهد اعادة رئيس دكتاتور جديد يحكم الدولة ويتسلط على الشعب بالحديد والنار.! ونحن نقول: كيف سيأتي دكتاتور والعراق غاص بالاحزاب والتيارات السياسيية فضلا عن عودة قوة العشيرة والقبيلة وهيمنة رجل الدين؟ فضلا عن تزايد الوعي لدى الشعب وتنور العقول بما فرضه الغزو الاعلامي والثقافي..ولنفترض ان جاء رئيس جمهورية وتحول الى دكتاتور في ظل (النظام الرئاسي) المقترح اقامته.فأليس من الافضل ان يثور عليه الشعب بدل من ان تغير دولة اجنبية نظام الحكم؟ابدا ليس هناك اية خشية من تجربة نظام جديد.ولاخوف من ان نبحث عن بدائل وطنية شريفة من اجل حرية الشعب وديمقراطيته وحياته السعيدة.انه اختيار بحاجة الى قرار شجاع من رجل شجاع همه الاول والاخير حب العراق وشعبه وهويته وتاريخه الوطنب بعيدا عن اي تدخلات لااقليمية ولادولية مهما كانت المصالح المشتركة من دين ومذهب وعرق وقومية.ان الشعب العراقي كما قلنا يحب الحاكم القوي بغض النظر عن صفاته ولايحب حاكما ضعيفا متغطيا بالتقية..فما جدوى حاكم (حكومة) مسلمة تقية نقية ولكنها ضعيفة تفرض في حقوق العباد وحرمة البلاد؟وما فائدة تقوى أعضاء الحكومة بينما هم لم يتقوا الله في عباده المسلمين وغير المسلمين ولا في صون بلاد المسلمين.