حملة الشهادات العليا.. الحكومة أهملتنا
د. فاضل البدراني
عندما ارتفع صوت الشعب في تشرين الأول 2019 تسارعت حركة ووجدان القوى الحزبية التي تتشكل منها الحكومة وإدارة مؤسساتها، الى محاولة التشبث بالإصلاح والاعتراف بالخطأ والتقصير مع الشعب، وصدرت وعود كثيرة باتجاه منح الحقوق العامة للمواطنين العراقيين، ومن أبسطها تقديم الخدمات وتوفير فرص عمل، وتوظيف الشباب العاطلين عن العمل، ومنهم حملة الشهادات العليا من الدكتوراه والماجستير.ومن البرامج التي عمدت السلطات التنفيذية والحزبية الى تنفيذها لتهدئة غضبة حركة الشباب التي شكلت انعطافة جديدة في المشهد الاجتماعي والسياسي العراقي لما بعد 2003، وأفضت الى اضعاف القوى الحزبية، التي لجأت للتعامل بمختلف الآليات المهدئة لامتصاص النقمة الشعبية، وتهدئة الحراك الجماهيري، كما تابعها الشعب منذ انطلاقتها في الأول من تشرين الأول 2019، ووعدت بتوفير عقود عمل لحملة الشهادات العليا، ومن ذلك عقد العمل المسمى بـ (315) الذي استوعب عددا من حملة الشهادات بصفة تدريسيين في الجامعات، وقد حصل منذ نهاية 2019، وعلى صعيد رصد الأحداث وتجميعها لتتشكل منها صورة الحقيقة، ذكر لي النائب هيثم الجبوري رئيس اللجنة المالية في البرلمان في شهر رمضان الماضي، بأنهم ضمنوا في موازنة 2021، مبلغ 900 مليار دينار لتغطية رواتب التدريسيين من أصحاب العقد 315، لكن الذي حدث أنه تم تدوير المبلغ هذا لسد نفقات أصحاب الأجور من المعلمين والمدرسين على ملاك وزارة التربية؟ووصلتنا رسائل عدة من لفيف من حملة الدكتوراه والماجستير من المشمولين بالعقد 315، يتساءلون إذا كان المبلغ خصص لهم في التعليم العالي والبحث العلمي، فلماذا يتم ترحيله الى التربية؟ ويتساءلون أيضا لمن الأولوية في نظر الدولة لحملة الشهادات العليا أم لحملة الدبلوم والبكالوريوس؟ وعلى حد قولهم يبدو أن الشهادة العليا أصبحت وفق فلسفة الحكومة والبرلمان، لا قيمة ولا اعتبار لها عندما يحرم أصحابها من استحقاق خصص لهم، على الرغم من تواصلهم بالدوام في الكليات المتعاقدين معها، وإذ ان الحقوق تعطى ولا تنتزع، فالأولى على رئاسة الحكومة لطالما لديها إقرار من اللجنة المالية في موازنة 2021 ألا تكون شريكا قاسيا في حرمان نخبة من شباب، لا يتجاوز عددهم ثلاثة آلاف تدريسي من حملة الدكتوراه والماجستير من حقوقهم في مبلغ بسيط لا يشكل ثقلا ماليا على الدولة التي وصلت أسعار برميل النفط الى ما يقرب من 80 دولارا.البرلمان ودع المسؤولية بعد انتهاء دورته الرابعة، تاركا عتب الشباب من حملة الشهادات العليا برقبته، دون جبر لخواطرهم، ومع ذلك فالمسؤولية الحقيقية برقبة الحكومة التي منحتهم العقود، وتخلت عن الحقوق المالية المترتبة عليها، والسؤال الذي نسوقه للحكومة في هذه المناسبة، ماذا سيترك هذا التخلي من المسؤولية في نفوس الشباب من أثر؟