مقالات

حرب ونظام عالمي يتشكل أين منه نحن

هادي جلو مرعي

حرب أوكريني كما يسميها الرئيس فلاديمير بوتين ليست البداية، بل هي حلقة في سلسلة من حلقات تاريخ العالم القديم والجديد الذي تعيش فيه روسيا قديمه والجديد، وتبقى تخوض معركة الوجود التي لاتنتهي، وستتكرر في مواضع عدة من العالم الذي يستعد لسيطرة الروس والصينيين الذين جعلوا من شرق أوكريني وتايوان لونا، أو حركة فرشاة في لوحة كبيرة رسامها ليس واحدا، بل مجموعة من الرسامين المحترفين، وهي فلسفة وجود وإعتبار إن الأرض لايحكمها واحد لأنها مرتبطة بإرادة التغيير والنكوص والنهضة وموت وحياة تفرض شروطها في لعبة متكررة لاتكاد تنتهي.تبجح مفكرو الغرب كثيرا بعد تفكك الإتحاد السوفيتي السابق بنهاية للتاريخ، وسيطرة القطب الواحد، وهي حتما تصورات واهمة، وجزء من تسويق للمشروع الرأسمالي، وليس حقيقة ماثلة فالحياة لاتتوقف على نظام بعينه، والثابت هو إنه ليس هناك ثابت في السياسة، وحركة الإقتصاد، وقد ينهار أي نظام وبسرعة في حال من ضعفت منظومة ما وإنهارت قيميا وإجتماعيا، وعانى إقتصادها من غياب التجديد، وتم ربط الإنسان بمنظومة عمل وجهد منهكة ترتبط بالمزيد من الضرائب والدفوعات ليستمر النظام، وتجد إن الإنسان منهك ومعذب، سواء كان النظام المتبع راسماليا، أو إشتراكيا، فقد جرب العالم منظومات مختلفة لم تصل به الى الطمأنينة، كحال تلك المغنية التي تمتلك المال والشهرة والقصور والطائرات، وكل مالذ وطاب من صنوف العيش، ولكنها، وفجأة قررت أن تنتحر، والمفاجأة كانت في رسالتها التي تركتها لأصدقائها من بعدها، وقد كتبت فيها: سامحوني الحياة لم تعد تطاق!ولسان حال أي نظام ينهار في رسالته الأخيرة أن يقول: سامحوني فلست أنا الحل، ولم يعد لدي مايعينني على البقاء والدوام، وقد تعودنا أن يرتبط كل نظام عالمي بقوة مسيطرة تنهكها عوامل ضعف داخلية وخارجية لتترك مكان المقدمة، وتتيح المجال لقوة غالبة وقاهرة جديدة تأخذ مكانها ثم تشكل نظاما عالما مختلفا تكون هي المتسيدة فيه حتى مع وجود قوة منافسة، وكانه قدر أن يبرز واحد وينافسه آخر منتظرا هوانه وزواله الحتمي.وسواء حققت روسيا أهدافها كاملة من غزوها لجارتها الغربية أم لم تنجح فإنها مساهم فعال في التغيير لأنها لايمكن أن تقبل بتهديد وجودي، أو بتنازلات مذلة لغرب يرى أنه محق في كل شيء حتي في إستخدامه للأسلحة الفتاكة، والطائرات والجوع لقهر شعوب الأرض في أوربا وآسيا وأفريقيا وأميركا، ومحق في تدمير فيتنام، وإستخدام مالذ وطاب من أدوات القتل في تدمير العراق، ودعم كامل لإسرائيل التي تهجر الفلسطينيين، وتمنعهم من حق العودة، ولاتعترف لهم بحقوق، وتضرب القوانين والمواثيق الدولية بعرض الحائط، وغرب يرى إنه من حقه فعل مايريد، متمكنا من أدوات الإقتصاد والإعلام والهيمنة الثقافية، فنكون وكأننا خارج النظام الجديد، أو ضحايا له بلاتأثير، ولاحضور، وعلينا القبول بمخرجاته مهما كانت، حيث يضعف الأمل في تجاوز محننا، ونيل حقوقنا، وضمان مقعد لنا في القطار المتوجه الى المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى