حرب السيطرة البابا في أور
هادي جلو مرعي
على المستوى الشخصي لاأرجح أن تكون اور هي مهد السيد إبراهيم الذي ندعوه بأبي الأنبياء، فهي حضارة مندرسة ولم يتبق منها سوى هذا الصرح الذي مد له طريق معبد قد ينفع في وصول السياح إليه، وكهرباء ستنقطع حتما بعد الإنتهاء من قداس يقيمه البابا فرنسيس صاحب جولات وصولات من التمرد والتحدي عاشها في بوينس آيرس، ومماحكات مع البابا السابق الذي إستضافه لمرات، ودخل معه في جدالات عميقة وعقيمة، حتى أضطره لترك عرش الفاتيكان، والإنزواء في منتجعه خارج العاصمة الإيطالية، ومن خلال تتبعي لمسيرة البابا فرنسيس أجده مثقفا متمردا على التقاليد اكثر من كونه رجل دين، غير أن العامة لايعرفون التفاصيل الدقيقة عن المتصدين لشؤون السياسة والحكم والدين، فينبهرون بهم، أو يقدسونهم حد الهوس والجنون، وقد يقتلون منتقديهم. ولد السيد إبراهيم الخليل في منطقة قريبة من عاصمة ملوك حضارة عظيمة في تلك الأرض وكان صراعه مع النمروذ الذي لم يكن في الناصرية على بعد مئات الكيلومترات عن بابل ،بينما كانت أفضل وسائل النقل هي الأحصنة والحمير، وقد كانت ولادة إبراهيم في منطقة جبيلة غرب مركز الحلة الحالي، وهي تبعد ربما مسافة خمس كيلو مترات عن الصرح العظيم للنمروذ الذي أمر بقتل الأطفال الصغار حيث هربت السيدة والدة إبراهيم به الى تلة صغيرة ماتزال ماثلة وهي مزار للمؤمنين، وقريبة من الأرض التي أججت فيها النار لعقوبة إبراهيم الذي أهان الإلهة وحطمها، فالمحرقة وصرح النمروذ الذي جعله محاولة لقتل رب إبراهيم والمكان الذي خبأت الوالدة صغيرها فيها ماتزال مقصد السياح والحجيج، وبالفعل فإن كتب الديانات لم تتحدث عن أور بقدر حديثها عن بابل التي نزلت فيها الملائكة والآلهة، ومنها غادر إبراهيم بإتفاق مع النمروذ الى مصر وفلسطين والأردن حيث قصة قوم لوط الشهيرة، ودفن في بلدة تسمى حاليا الخليل بفلسطين، ومعه ولده إسحاق، وحفيده يعقوب، وقيل إن موسى نقل جثمان يوسف الصديق من مصر إليها، وفي فلسطين يوجد قبر السيدة راحيل والدة يوسف. المكان الحقيقي الذي يمكن للبابا أن يقصده هو بابل، لكن جهات عالمية ستتحرك على بابل قريبا، وتركت مهمة التحرك نحو أور للبابا فرنسيس، وسيكون هناك عمل كبير لجمع الديانات الإبراهيمية وفقا لتعاليم دينية راسخة، وفي إطار صراع كوني للسيطرة على العراق بوصفه قلب العالم، والذي لن يكون لمواطنيه فرصة كبيرة ليعيشوا سعداء فيه فهو أشبه بمستودع للسلاح، وساحة للصراع، وممر للجيوش والديانات، وهوس السيطرة الكاملة على الموارد والأرواح والعقول وحكم العالم وفق رؤية لاتهتم بنا. رغم ذلك فلابد من إستثمار هذه الزيارة على أحسن وجه في مجال دعم السياحة الدينية والتجارية، وتسليط الضوء على عراق مختلف غير الذي يسوق له الإعلام، والذي قال عنه لاعب كرة قدم أردني محترف في الدوري العراقي هو إحسان الحداد أنه وجده بلدا طبيعيا وفيه كل أشكال الحياة، وعلى العكس ممايروج له في وسائل الإعلام، وهذا هو التحدي الأكبر أن تواجه كل هذه المعضلات، وتخرج منها عظيما. زيارة البابا بغض النظر عن النوايا إعتراف بعظمة، وخطورة العراق الحضارية، وأهلا به لأننا نحب التحدي.