حراك استبدال الحلبوسي يدخل مرحلة جمع التواقيع
حوّل الحديث عن الإطاحة برئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، من مجرد تهديدات تُلوّح بها قوى سياسية عربية سُنّية، ضمن إفرازات التنافس المزمن على الزعامة والنفوذ في ما بينها، إلى حراكٍ حقيقي، ترجمته تحركات جمع تواقيع أعضاء في البرلمان لطلب سحب الثقة منه، ولقاءات المعسكر الرافض للحلبوسي بزعامة أسامة النجيفي، مع قادة وممثلي كتل أخرى، بهدف إقناعهم بالخطوة.
وفي شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلن عن تشكيل “الجبهة العراقية”، والتي ضمّت نواباً عن المحافظات العراقية الشمالية والغربية، في مؤشر على بداية صراع سياسي محتدم في هذه المناطق، قبيل الانتخابات التشريعية المبكرة، لا سيما بعد تصدي “الجبهة” منذ تشكيلها لتصحيح العمل البرلماني، وحديث بعض أعضائها عن نية “الجبهة” العمل على إقالة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.
وتنضوي ضمن “الجبهة العراقية”، خمس قوى، هي “المشروع العربي” بزعامة خميس الخنجر، و”جبهة الإنقاذ والتنمية” برئاسة أسامة النجيفي، و”الجماهير الوطنية” بزعامة أحمد عبد الله الجبوري (أبو مازن)، والحزب الإسلامي العراقي، والكتلة العراقية المستقلة.
ويوم الجمعة الماضي، عقد أعضاء “الجبهة العراقية”، وعددهم 35 نائباً، اجتماعاً في منزل النائب الحالي والوزير السابق قاسم الفهداوي، لبحث قضايا عدة، من بينها استبدال الحلبوسي، وذلك بالتزامن مع اجتماع مماثل عقده رئيس البرلمان مع ثلاثة من رؤساء السلطة التشريعية السابقين، وهم سليم الجبوري ومحمود المشهداني وحاجم الحسني، بحضور نائب رئيس الوزراء السابق صالح المطلك.
ويوم السبت، قالت “الجبهة”، في بيان، إنها “قررت جمع تواقيع 110 نواب، بحسب القانون، لتقديم طلب إلى رئاسة مجلس النواب لسحب الثقة عن محمد الحلبوسي رئيس البرلمان”.
وتستند حجّة هذا المعسكر الجديد إلى ما تعتبره مخالفات رئيس البرلمان ومجاملة منه تؤثر على قضايا حقوقية تتعلق بسُكّان المدن المحررة، فضلاً عن تمرير قوانين بموجب صفقات مع زعماء الكتل، من بينها الفقرة المتعلقة بالدوائر الانتخابية.
سياسي بارز مقرب من “الجبهة العراقية”، أكد في حديث نقلته صحيفة العربي الجديد، أن “حراك استبدال الحلبوسي يقوده نواب وسياسيون يمثلون محافظات شمالية وغربية عدة، وقد نجحوا في فتح قنوات اتصال مع قوى أخرى شيعية وكردية، لإقناعها بضرورة استبدال رئيس مجلس النواب، وضمان وجود بديل سريع له من داخل البرلمان”.
وتوقع المصدر “ألا تكون المهمة سهلة داخل البرلمان، لأن القوى الأخرى تعتبر التوقيت حرجا، إذ يقترب موعد الانتخابات، لا سيما أن البرلمان سيحل نفسه قبل شهرين من هذه الانتخابات”. لكنه أكد أن غداً الثلاثاء،
ستكون هناك تواقيع جديدة في هذا السياق، والهدف “هو جمع 110 تواقيع بالبرلمان وفقاً للنظام الداخلي، لتقديم طلب سحب الثقة الذي يجب أن يصوّت عليه نصف عدد أعضاء البرلمان الحاضرين في جلسة التصويت وفقاً للنظام الداخلي لمجلس النواب”.
من جهته، قال النائب السابق عن محافظة الأنبار، حامد المطلك، إن الذين يخالفون رئيس البرلمان اليوم، ويعملون بجد لإزاحته واستبداله، كانوا معه ضمن مشروع واحد في السابق، وكانت لديهم نيّة لدخول الانتخابات المقبلة سوية.
وبيّن المطلك، بحسب الصحيفة، أن “حراك إقالة الحلبوسي يمكن أن يُفهم من جانبين، الأول يعود إلى الفشل في أداء مهمته في رئاسة البرلمان، وفي هذه الحالة، فإن الحق مع من يريد إقالته، أما الجانب الآخر، فلا يخلو من تضرر مصالح وتقاطعات بين السياسيين”.
ورأى المطلك أن المعترضين على استمرار الحلبوسي في منصبه كرئيس للبرلمان، يعتقدون أن بقاءه في المنصب، سيخلي الساحة له، وبالتالي يتم اقصاؤهم، محذراً من أن الاجتماعات المتزامنة التي يعقدها معسكر الحلبوسي من جهة، والجبهة المناوئة له من جهة أخرى، لا تصب في مصلحة المناطق التي يمثلانها.
وتابع “لو كانوا فعلاً يشعرون أنهم جاؤوا من أجل مهمة وطنية وأخلاقية صحيحة، لما لجأوا إلى هذه الخلافات والتقاطعات والاتهامات التي يتراشقونها”، ملمحاً إلى احتمال وجود أطراف أخرى تقف وراء هذا الانقسام، كي تبقى المناطق المحررة متأخرة.
في المقابل، قلّل عضو البرلمان عن “تحالف القوى العراقية” (تحالف الحلبوسي) محمد الكربولي، من أهمية حراك إقالة رئيس البرلمان، مبيناً في مقابلة تلفزيونية، أن بعض قيادات “الجبهة العراقية” كانوا من أكثر الموالين للحلبوسي، ولافتاً إلى أن المعترضين على الأخير اليوم كانوا منصاعين له في السابق. وأكد الكربولي أن رئيس البرلمان لن يقال من منصبه، مشدداً على ضرورة الحفاظ على الاستقرار السياسي إلى حين إجراء الانتخابات.
وبشأن الغطاء القانوني لحراك استبدال رئيس البرلمان العراقي، أكد الخبير القانوني طارق حرب، أن هذا الإجراء يبدأ بطلب يتم تقديمه إلى رئاسة مجلس النواب، يليه عقد جلسة يتم فيها التصويت بالأغلبية البسيطة، مبيناً أن المطلوب في الجلسة هو تحقيق النصاب القانوني (165 من أصل 329 نائباً)، ثم تصويت أكثر من نصفهم، أي 83 نائباً.
واستبعد حرب وجود أي تأثير لمحاولات تغيير رئيس البرلمان على موعد الانتخابات المبكرة، المقرر إجراؤها منتصف العام المقبل، مؤكداً أن محاولات تغيير الحلبوسي تشبه الحراك الذي أرغم رئيس البرلمان الأسبق محمود المشهداني على الاستقالة عام 2008 واستبداله بأياد السامرائي، مع اختلاف الظروف والأسباب. وأوضح أن آليات تغيير رئيس البرلمان هي نفسها من خلال تقديم طلب، تعقبه جلسة للبرلمان وأغلبية بسيطة.
ونهاية العام 2008، أعلن رئيس البرلمان الأسبق محمود المشهداني استقالته من منصبه قبل انتهاء مهلة منحتها له كتل برلمانية مؤثرة، خيّرته فيها بين الاستقالة أو عقد جلسة للتصويت على إقالته.