حديث السوشيال ميديا الكردية .. رواتب ومواجع وفواجع
الكاتب سامان نوح
– “أين الـ400 مليار دينار؟ سؤال يتصدر آلاف الصفحات الشخصية تعقبها عبارات غاضبة، فيما تغوص منصات اعلامية “بدوافع شتى” في طرح القضية طولا وعرضا، تفسيرا وتوضيحا وتحليلا. فيرد مسؤولو الحكومة: “كم مرة فسرنا لكم، كم مرة فصلنا بالمسطرة والقلم ان كل فلس تسلمناه عاد لكم”.
– مع ذلك السؤال الناقم، يطرح “مشاغبون” سؤالا “خطيراً” ذو ابعاد كيانية على موظفين مغلوبين لا يملكون قوت يومهم:”هل تقبل أن تدفع الحكومة الاتحادية راتبك، طالما تعجز حكومة الاقليم؟”. ويأتي الجواب في الغالب جازماً “ولم لا نقبل.. الأمر سيان عندنا ان صرفتها اربيل او بغداد”. فتتحرك هواجس المقربين من الحكومة تنديداً بذلك الموقف “الانهزامي اللامسؤول” متهمين أصحابه بـ”اللاوطنية أو الجهل”: “لا يعرفون ما يشكله ذلك من تهديد لمستقبل الاقليم .. هم يسعون الى اضعاف حكومتنا بسحب أهم ركائزها، وتحويلها الى حكومة خدمات وبلديات”.
-في ظل سيل شكاوى الموظفين المتدفقة من كل الزوايا، تتقدم جيوش السوشيال ميديا الحزبية بعرض تصريحات متحدثي الحكومة وتوجيه بياناتها التفسيرية والتبريرية، واطلاق مفرداتها الأثيرة لا تغني عوز الموظفين ولاتبدد خوفهم: (نعرف معاناتكم، نشعر بالحزن على أوضاعكم، نعمل بجد على تجاوز أزماتكم، معا وبالصبر سنتجاوز المحنة ونعلن النصر القريب… تعرفون أسباب مآلات الحال: هجوم داعش، تهديدات الأعداء المتربصين، الازمة الاقتصادية العالمية، الوضع الكوروني الطاريء، انهيار اسعار النفط… تعرفون مدى جديتنا صبراً فالاصلاحات على الطريق). ويردد جيش من المؤيدين ذات البيانات مع عبارات تنبيهية “نسيتم انجازات حكومتنا.. ألا ترون الاعمار والخدمات… نسيتم اوضاعكم زمن البعثيين… وهل الحكومة عملها فقط صرف الرواتب؟”.
– لا ينزوي الفريق الناقد، بل يرفض كل التبريرات والتفسيرات، ويرد بسيل من البوستات: “عجيب أمركم!.. لماذا يحق لكم اعتلاء المناصب في بغداد (رئيس الجمهورية، نائب رئيس البرلمان، نائب رئيس الوزراء، وثلاث او اربع وزارات، بينها الخارجية، مع عشرات المناصب العليا في المؤسسات الاتحادية، و58 نائبا) ويحق لهم جميعا تلقي الرواتب الدسمة، ويحق لهم عقد الشراكات والصفقات وتحت كل اليافطات ولا مشكلة اطلاقا في ذلك، فتلك سياسة وشطارة… لكن الجريمة الكبرى والخيانة العظمى تقع حين نطالب بصرف رواتبنا مباشرة من بغداد لتأمين الحد الأدنى من قوت عوائلنا …. كل ما تقرونه طبيعي شرعي منطقي، لكن مطالبنا وحدها تهديد لوجودنا القومي”.
-وفي حديث السوشيال ميديا الكردية، يطل هرم البرلمان المهيوب، الذي يكاد يكون في اجازة دائمة، طبعا إلا حين يتعلق الامر برفع الحصانة عن نائب “حاقد يثير الأكاذيب عن ملفات وهمية” فوقتها يمتلؤ الميدان ويتسابق الشجعان في التصويت الفوري بتلك القضية المصيرية.
– يقول معلقون: ياسادة يانواب يا ممثلي الأحزاب، نعرف انه ليس لكم حضور ومنذ سنوات في اي قضية، ولا رأي في أي ازمة سياسية او مالية او اجتماعية، ولا مكان لكم في اي قرار، ولا دور في اي فعل واقرار… نعرف انه لا علاقة لكم لا بالمراقبة ولا المحاسبة، وان دوركم يتحول تدريجيا الى مراقبة ومحاسبة المشاغبين من الشعب، ونعرف ان مكامن خبراتكم العليا تكمن في اتقان التطبيل لجماعاتكم.. نعرف تماما انكم موظفون ملزمون بقرارات أحزابكم، وان غالبيتكم “أوراق بيضاء” لا ثقافة ولا شخصية ولا خبرة سياسية او قانونية، ونعرف ان وجودكم ياتي في اطار اكمال الديكور، ولذلك وفقط من اجل الديكور نقترح عليكم عقد جلسة عابرة واصدار بيان تبدون فيه تعاطفكم مع مطالب الناس وتفهمكم للتحديات الكبرى.. اذا لم يكن من اجل صورتكم فمن أجل صورة الاقليم الخارجية.