حامي حمى الحرائر
حامي حمى الحرائر – عذراء الركابي
وضعت ثورة العشرين أوزارها، بإنتصار المكوار على الطوب؛ فإنبثق الجيش العراقي النظامي تحت عنوان مقدس “فوج موسى الكاظم” يوم 6 كانون الثاني 1921.الجيش والدولة الملكية، واحدة من نتائج الثورة التي إنبثقت يوم 30 حزيران 1920 من عشيرة الظوالم الشيعية.. في السماوة وترددت أصداؤها في الشمال والغربية وأنحاء العراق كافة منتظماً فيها السنة والكرد والأقليات العراقية المتآخية في صف وطني ينهل من حضارات الماضي مجداً يصب في المستقبل.وبهذا حق للعراقيين أن يفخروا بـتأسيس دولة وجيش إنبثقا من ثورة وطنية خالدة، تماهت فيها ألوان الطيف الوطني كافة.. شيعة وسنة وكرداً ومسيحيين وصابئة وسواهم.حاولت بريطانيا وأد الثورة باللعب على الوترين المسيحي والسني؛ فأغلقت الكنائس أبوابها المقدسة بوجههم، تمنعهم من أداء القداس للرب وأيديهم ملوثة بدم العراقيين…وعندما عرض لاجمن مبالغ طائلة على ضاري محمود الزميل الزوبعي الشمري الأصيل، وصلاحيات سلطوية مفتوحة، نظير قطع الإمدادات التسليحية والغذائية عن ثوار الجنوب.. لم يجبه أبو خميس إنما قتله! فلا مساومة على مبدأ.ولد الجيش العراقي من تلك البطولات التي تتضافر مع رسالة “حسجة” بعثها شعلان ابو الجون، وهو في مركز شرطة ساوة، الى شقيقه تفيد بإرسال عشر ليرات ذهب؛ فإنطلقت شرارة الثورة من ساوة لتعم العراق كله، ستة أشهر أنهكت بريطانيا وجعلتها تعيد خططها في العراق الى إسلوب مغاير عن سواه من المستعمرات التي لا تغيب عنها الشمس. وما زال جيش الملمات الذي أقدم على إنجاز مهمات أذهلت العالم، في حروب فلسطين الصورية، التي شنها قادة عرب.. كل في حينه.. لترسيخ وجود إسرائيل من خلال إلحاق هزائم بالجيوش العربية 1948 و1967 و1973 كي تقتنع الشعوب بالسلام والتطبيع وما آلت إليه الحال بين الدول العربية المهزومة وإسرائيل المنتصرة.. إلا جيش العراق.. قاتل بجد وليس صورياً وتعذر على عملاء إسرائيل من رؤساء وملوك عرب التفاهم معه؛ لأنه جاد لا يرضى بنصف كرامة ولا شبه هزيمة.ينهل جيش العراق قوته من معاني دينية ووطنية وإجتماعية أصيلة، نسجت سياقات أدائه القتالية بموجبها؛ فتسامى مفخرة ليس العراقيين وحدهم، إنما العرب ما زالوا يذكرونه بإعتزاز أكثر من جيوشهم المحلية.طابت أرض الرافدين التي غرست بذور شهامة فأنجبت فرساناً…