جملة صعبة على التفسير
د. فاتح عبدالسلام
خطاب الرئيس العراقي في الجلسة الافتراضية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة توافر على جملة شديدة الغموض مستعصية على التفسير في حدود ما نمتلكه من قدرات عراقية على التحليل والفهم، وقد يمتلك العالم قدرات أكبر منها.
الجملة كانت تخص الانتخابات العراقية المبكرة المقبلة، حين طلب دعم الامم المتحدة لحمايتها من التزوير والتلاعب والابتزاز.
صعوبة تفسير هذه الجملة تأتي من أنه قريباً من زمن هذا الكلام كانت عبوات ناسفة تضرب شاحنات عراقية تسهم في انسحاب قوات التحالف من بعض قواعدها في اطار اعادة الانتشار وتخفيض عدد الجنود، في حادث يتكرر منذ شهرين من دون السيطرة عليه، ولا ننسى هنا القصف المتكرر لمحيط مطار بغداد في ظل وجود دولة قائمة.
كما لا نزال نشهد اختطاف ناشطين يدافعون لفظياً فقط عن حقهم في دولة مدنية نزيهة.ماذا تستطيع الامم المتحدة، وهي كما نعلم ،تأتي في مناطق الحروب بتمثيل رمزي وبموافقة المتحاربين انفسهم وتكون النقطة الأضعف عند حدوث احتكاك؟ هناك آليات وطرق عامة دولية في اختبار النزاهة، لكن في الوضع العراقي معقد، حيث الجميع يقول أنه نزيه وبعد الانتخابات يشكك الجميع في الجميع.
الامم المتحدة لا تستطيع تلقيح البلاد بلقاح النزاهة ومنحه جرعات وقاية ضد الفساد المستشري الكفيل بحرف أية انتخابات عن مسارها.معالجة الوضع العراقي الفاسد به حاجة لقرارات عراقية مدعومة في اطارها العام من الخارج ، لكن السياقات الوظيفية التقليدية للأمم المتحدة لاتنفعنا في شيء .نريد ان نفسر كيف يمنع موظفو الامم المتحدة الابتزاز السياسي الذي يمارس منذ الان لتحقيق مصالح الحيتان في الانتخابات؟
ان طلب العراق حماية من الامم المتحدة لانتخاباته، إنّما هو طلب الدولة للاحتماء بالعالم من اللادولة التي تهيمن ولها علاقات داخلية وخارجية اقوى من الدولة غالباً . هذا حال لا يتغير بتأثير من الأمم المتحدة، التي لن تكون في يوم من الايام مستعدة بعد هذا الكم الفاشل من التجارب في العراق أن تدخل معركة نيابة عن اهل البلد انفسهم في حماية ذاتهم وهويتهم وسيادتهم.