جرعات أمل وسط النفق
سعد العبيدي
قد لا نختلف نحن العراقيين ولا يختلف معنا سكان الكرة الأرضية أجمعين من أن بلدنا العراق واجه خلال عقدين من الزمان إرهاباً أسودَ وفساداً لا يقل عن الإرهاب الأسود عتمة، وواجه من قبل هذين العقدين عقدين آخرين من حكم قسري فاشل وحصار قهري بغيض دفع أغلبنا العيش لأربع عقود تحت ضغوط نفسية شديدة الوطأة، وزعت بين نفوسنا الكآبة باعتدال. لكن هذا التوزيع الاعتدالي لا يصح ولا ينبغي أن يصح في واد خرج سكانه عبر تاريخهم الطويل، ولمرات عدة من أزمات عدة وضغوط لا تقل شدتها عن ضغوط هذا الزمان، ولم تختلف آثارها في توزيع الكآبة بين نفوسهم باعتدال، وما نشاهده اليوم من جهود لعقد مؤتمر بغداد للشراكة، الا محاولة للخروج من دائرة الحصر والضغوط، إذ إن حضور رؤساء دول وملوك، ووفود تمثل الرؤساء الى بغداد خطوة بالاتجاه الصحيح، للخروج من دائرة الضغوط شبه المغلقة الى أجواء الدولة الوسط الفاعلة بين جيرانها والمحيط الإقليمي والدولي. الا أن إتمام فعل الخروج المجدي وبالشكل الصحيح ليس أمراً في السياسة والحكم سهلاً، ولا يتم بمجرد اطلاق التمنيات، هو في واقع الأمر بحاجة الى بذل جهود كبيرة، لإقناع المشاركين أهمية دور العراق ووسطيته في منطقة تعج بالخلاف، وبحاجة أيضاً الى تعاون جدي من جميع الأطراف السياسية المشاركة في حكم البلاد بغية اثبات وحدة الصف والكلمة، لأن العالم الآخر ورؤساء الدول الأخرى لا يسمعون الأصوات الشاذة أو غير الموحدة، والمستثمرون من تلك الدول لا يستثمرون في بلاد ليست موحدة. إن أهل العراق الذين عانوا الكثير، ودفعوا ثمناً من أمنهم واستقرارهم الكثير، يستحقون بعد تلك المعاناة التي حشروا فيها عمداً استعادة دورهم الفاعل في هذا المحيط كما كانوا طوال قرون.