جرأة وعالمية نتفليكس تنعكس على “المنصة”..كيف تناول المسلسل حرب المعلومات و”المعارك الأسرية”؟
مسلسل “المنصة” بدأ عرضه قبل أيام على شاشة أبو ظبي وشبكة نتفلكس، حيث يعتبر أول مسلسل إماراتي يعرض على الشبكة العالمية، واستطاع العمل لفت أنظار الجمهور خلال أيام قليلة، سواء بسبب مجموعة النجوم الكبار المشاركين به من عدد من أنحاء الوطن العربي، أو القصة الجريئة المشوقة التي قلما بات موضوعها يطرح مؤخرًا في الأعمال الدرامية العربية، أو حتى بسبب الصورة السينمائية الجاذبة للمشاهد.
مسلسل عربي بأجواء عالمية
رغم أن من يتولى إخراجه مخرجًا عالميًا، لكنه في النهاية عمل عربي
بنجوم عرب، والحقيقة أن صفة العالمية لم تفارق العمل على مدار
حلقاته، فللوهلة الأولى خلال مشاهدة حلقات مسلسل “المنصة”، يمكن
أن تعتقد أنك أمام عملا أجنبيا، بسبب الصورة المميزة أو الجرأة أحيانًا
والتي تضاهي جرأة بعض الأعمال التي تقدمها نتفلكس، والديكور
المختلف الذي يعبر عن واقع كل من فئات المجتمع المختلفة بوضعها
المادي والفكري، فأجواء “المنصة الإلكترونية” التي يملكها “كرم” أو
مكسيم خليل، والسرية التي تحيط بها، تعكس حالة التقدم التكنولوجي
الكبير الذي يتمتع به صاحب الفكرة المهتم بحرب المعلومات التي تؤثر
في حياة الأفراد والمجتمعات بشكل مختلف، الذي يبحث طوال الوقت
عن طريقة للكشف عن المعلومات السرية التي تهم العالم وكيف يتأثر
بها، كما تعكس اهتمام بعض الدول العربية بالاستفادة القصوى من أحدث ما يتم اكتشافه في عالم التكنولوجيا، في خدمة البلاد.
بينما أجواء منزل الطفولة المقبض الخاص بكرم، وتفاصيله الصغيرة
التي يتوقع المتفرج أنها غير مشجعة على الإنجاز والتقدم بالشكل الذي
فعله كرم في كبره -كالهاتف ذو القرص الدوار والأثاث القديم والغرف
الضيقة- فهو يدل على حالة التدهور والشقاء التي كان يعيش فيها
الطفل ولايزال يتذكرها مع تقدمه في العمر؛ والأزمات التي مر بها مع
أسرته وتحديدًا مع والده صاحب الأفكار المتطرفة والمشاعر الجامدة، الذي جسد دوره الفنان سلوم حداد.
إثارة وتشويق وأحداث غامضة مع كل حلقة
بداية المسلسل المكون من 12 حلقة، ربما كانت جريئة في وجهة نظر البعض، لتسليطها الضوء على أكثر من فكرة مثيرة معًا، سواء كانت سياسية مثل الأعمال الإرهابية والأفكار المتطرفة التي تتبناها بعض الجماعات، وما تتسبب فيه من تغير حياة الأسر للأسوأ، إضافة إلى الأفكار الاجتماعية مثل الاعتداء على الأطفال، والعلاقة السيئة بين الآباء وأبنائهم التي تتسبب في حدوث شرخ لا يلتئم على مر الزمن.
فتبدأ الحلقة الأولى بمحاولة الطفل كرم، إنقاذ شقيقه الأصغر آدم، من الاعتداء عليه من قبل جارهما وصديق والدهما “خالد السيد”، فتصبح العلاقة بينهما سيئة للغاية على مدار سنوات حياته، كما شهدت أحداث المسلسل مع كل حلقة، وجود حالة من الإثارة والتشويق، وظهور لغز جديد يحاول بطل العمل -مكسيم خليل- حله، بداية من لغز وفاة والدته وشكوكه في والده الذي يعيش معه حربًا طوال الوقت بسبب اختلافهما الفكري والإيذاء البدني الذي تعرض له الابن من قبل والده، مرورًا بمحاولته معرفة مكان شقيقه الأصغر الذي تورط مع إحدى الجماعات الإرهابية دون رغبته، إضافة إلى تورطه في بعض المواقف التي يضطر فيها إلى العودة للماضي مرة أخرى ليواجه والده الذي تسبب في إيذائه نفسيًا وجسديًا.
العمل أيضًا رغم أحداثه الكثيرة وتنقله بين أزمنة مختلفة، إلا أن صناعه استطاعوا تقديم جرعة مكثفة من التشويق والألغاز تناسب كل حلقة، معتمدين على الإيقاع وتطور الشخصيات السريع وانتقالهم من حالة معينة إلى أخرى في الحلقة الواحدة.
كره وغموض وتعاطف يحيط بشخصيات “المنصة”
رغم أن العمل مليء بعدد كبير من نجوم الوطن العربي، الذين يستطيع كل منهم تقديم عملًا ناجحًا بمفرده، وربما يعتقد البعض أنه قد يكون هناك ظهور لفنان معين على حساب فنان آخر، إلا أن هذا لم يحدث بالمسلسل، فظهور كل فنان كان له تميزه الخاص وأدائه الممتع وبصمته في العمل التي جعلت الجمهور يفرط في مشاعره حول كل بطل من الأبطال، سواء كانت مشاعر الحب، الكره، أو التعاطف.
حتى من لم يظهر في مشاهد كثيرة، كان لهم ظهور خاطف للأنظار، بعضهم تكرههم أحيانًا وآخرين لم تستطع تكوين رأي كامل عنهم، ومن بينهم سلوم حداد الذي بمجرد ظهوره على الشاشة يجد المشاهد نفسه يريد الانتقام منه لأجل “كرم” وما فعله فيه في صغره، كذلك معتصم النهار الذي كان له ظهور خاص ابتداءًا من الحلقة الخامسة، وشهدت طلته العديد من علامات الاستفهام حول علاقته بإحدى الموظفات في منصة كرم، وكيف سيواجه كرم فيما بعد.
كذلك آدم الذي جسد دوره الفنان سامر إسماعيل، فمع كل ظهور له لا تستطيع التوقف عن التعاطف معه والحزن على ما أصابه منذ أن كان طفلًا، وتورطه مع أشخاص متطرفين، وغضبه المكتوم، والأسرار التي يحملها ولا يستطيع البوح بها، أيضًا الفنان عبد المحسن النمر الذي يجسد شخصية “ناصر” الغامضة، الذي لا تعرف إن كان متورطًا في المواقف الصعبة التي يمر بها كرم، أم أنه شخص خيّر يحاول مساعدته، أم أنه يحاول السيطرة على المنصة ويصّر على مشاركة كرم بها لمعرفة كل ما يخصها، وكل من هؤلاء وغيرهم من المشاركين بالعمل، أتقنوا أداء دورهم، واستفزوا الجمهور بجعل الشخصية إما محبوبة للغاية أو مكروهة للغاية.
الجدير بالذكر أن المسلسل من تأليف الكاتب هوزان عكو، و إخراج الألماني رودريغو كيشنر ومجدي السميري، وإشراف عام وفني للمخرج والمنتج الإماراتي منصور اليبهوني الظاهري، وبطولة مكسيم خليل ومعتصم النهار وعبد المحسن النمر وسامر إسماعيل وسلوم حداد وأحمد الجسمي وسمر سامي وخالد القيش ولين غرة وجيني أسبر ويوسف الكعبي وأدهم مرشد بالإضافة إلى المذيعة الإماراتية مهيرة عبد العزيز.
الاولى نيوز-متابعة
