جائحة كورونا نقطة تحول عالمية..
إياد الإمارة
لعل عالمنا المعاصر شهد تحولين كبيرين حدثا في القرن العشرين، الأول هو الحرب العالمية الأولى عام (١٩١٤) وما حدث خلالها وبعدها من تغييرات شملت العالم بأسره، أما الحدث الثاني فهو الحرب العالمية الثانية عام (١٩٣٥) وإستخدام أول سلاح نووي فيها، خسائر بشرية كبيرة ومعها خسائر مادية أكبر، وهلاك ملوك وإستخلاف آخرين، وتفتت دول وتكوّن أخرى، ونهاية مجتمعات وإنقسامها إلى جماعات صغيرة ومحاولات دمج جماعات متفرقة في مجتمع واحد..“كل شيء تغير في عالمنا بعد الحرب..”وبعيداً عن الخوض في تفاصيل ما حدث في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وما أعقبهما من تحولات شملت مفاصل الإجتماع والإقتصاد والسياسة والجغرافية، وأشياء أخرى قد لا نفكر فيها أو اننا لا نعتقد إن التغيير قد شملها لكنه فعلاً شملها.جائحة كورونا العالمية حدث لا يقل تأثيراً وضرراً عن الحربين العالميتين الأولى والثانية، والكل يرى إن عالم ما بعد كورنا ليس هو العالم قبل كورونا.
كورونا التي تفتك بالناس مدة أطول من عام كامل بلا هوادة، تطحن أرواح الكثيرين أغنياء وفقراء، من مختلف الأجناس والأعراق والأعمار.
“أنها أشبه بالكارثة الكونية، غضب الطبيعة..”لا مناص من العزلة والتباعد!
التقارب يعني إحتمالية الموت جراء العدوى..لا أعراض متشابهة ولا علاج متفق عليه..المطارات والسياحة وبعض التجارة في كساد..المدارس والجامعات والأسواق معطلة..هذا جزء الصورة.
لم نكن نتصور إن العالم بكل ما وصل إليه من تطور وتقدم في كافة المجالات يقف عاجزاً عن مواجهة فايروس لا يُرى بالعين المجردة!
الفايروس الذي تسلل إلى أكثر الأماكن تحصيناً في العالم، حتى البواخر المنقطعة في عرض البحر دخلها القاتل كورونا!
كورونا “شبح” يظهر في كل مكان في وقت واحد دون سابق إنذار، يقتل ويعطل ويفعل ما يحلو له وسط عجز لم نكن نتوقعه في عصر صرنا نتحدث فيه عن إمكانات العقل البشري الهائلة، إختراعات وإكتشافات كلها توقفت في لحظة فارقة!
الغريب أن العالم لم يعرف بعد كيف تكوّن هذا الفايروس، هل هو مجرد صدفة؟أم هو جزء من حرب معلنة والفايروس هو سلاح بايلوجي؟هل نشأ في فم التنين الآسيوي؟أم داخل مختبرات أمريكية عدوانية؟صعُب علينا هذا الأمر كما صعُبت أشياء أخرى متعلقة بهذا القاتل الخفي “الشبح” ..بعد كل هذا..هل نستطيع تصور عالم ما بعد كورونا؟أشياء كثيرة علينا التفكير بها بجدية، وأشياء كثيرة علينا أن نعيد تفكيرنا بها، هذه حقيقة يجب علينا أن ندركها من الآن..الحياة لن يوقفها كل هذا الموت .. لن يوقفها هذا القاتل الخفي “الشبح”، لكنها ستتغير حتماً تغيراً لا ندركه الآن، كما لم ندرك من قبل أي شيء عن هذا القاتل والموت الذي سيخلفه.ما يهمني التوقف عنده، هو العِبرة التي يجب أن نعتبرها من كورونا، وهي قدرة الله تبارك وتعالى التي تفوق كل التصورات، وعجز البشر الذي لم نكن نتوقعه أن يكون بهذا المستوى.