مقالات

ثورة العشرين الخالدة

اياد مهدي عباس

لم تكن ثورة العشرين حدثاً هامشياً وعابراً في تاريخ العراق الحديث، بل كانت تمثل بداية انطلاقة حقيقية لنيل الحرية والاستقلال من ربقة الاحتلال البريطاني والتأسيس لمرحلة جديدة من حياة العراقيين، امتازت بالتضحية والبطولة ورفض الهيمنة والوصاية الاجنبية على بلادهم، ومن ثم تأسيس حكم عربي في العراق بقيادة الملك فيصل الاول. فكانت الشرارة الاولى لانطلاق الثورة هي من قضاء الرميثة وبالتحديد من عشيرة الظوالم بقيادة الشيخ المجاهد شعلان ابو الجون _ رحمه الله_ في 30 من شهر حزيران من العام 1920 ثم ما لبثت ان تحولت الى ثورة شعبية عارمة، شارك فيها جميع اطياف الشعب العراقي من شماله الى جنوبه، يتقدمهم رجال الحوزة وعلماؤها وشيوخ العشائر والمفكرون والادباء والفلاحون والعمال وشرائح المجتمع العراقي كافة، باستثناء من ارتبطت مصالحهم بالاستعمار وقدموا مصالحهم الشخصية على مصلحة الشعب والوطن.فقامت المرجعيات الدينية المختلفة بإصدار الفتاوى والبيانات الثورية وحث الشعب العراقي للنهوض بوجه الاحتلال البريطاني، فانطلقت الجماهير، معلنة رفضها وعدم قبولها بالوعود الكاذبة، التي اطلقتها الادارة البريطانية للشعب العراقي في حصوله على استقلاله. لم ينس العراقيون ثورة اجدادهم الخالدة، بالرغم من مضي اكثر من قرن على اندلاعها، ورغم الظروف التي يعيشها العراقيون اليوم في ظل احتلال الانكلو اميركي البغيض، الا أنهم يستذكرون تلك الثورة التي ارعبت البريطانيين، رغم التفاوت الكبير في العدة والعدد بين الجيش البريطاني وما يمتلكه من طائرات ودبابات واسلحة حديثة، وبين اسلحة الثوار البدائية التي هي عبارة عن اسلحة شخصية بسيطة كانت جزءا من الموروث الشعبي لديهم، والمتمثلة (بالمـگـوار) الذي يعده اهلنا في الفرات الاوسط سلاح البطولة والشجاعة والاقدام، لانه كان يستخدم عندما تتشابك الاجساد والايدي حينها تُستثار الغيرة العراقية ودوافع الغضب والتحدي والاصرار على اظهار الشجاعة الفائقة والايمان بالقضية، التي يقاتل من اجلها فكان هذا السلاح ولا يزال رمزا من رموز الرفض الشعبوي لاي ظلم يتعرض له اهلنا في منطقة الفرات الاوسط وكذلك سلاح (الفالة) التي هي اداة من ادوات الحقل البسيطة عند الفلاحين. واهم من كل انواع الاسلحة استطاعوا ان يتفوقوا على الغزاة بايمانهم بالقضية، التي يقاتلون من اجلها وحبهم للشهادة من اجل وطنهم ومقدساتهم، فكانت ثورة العشرين هي الحدث المفصلي الذي لا ينساه العراقيون، لانها حققت في حينها ما يتطلع اليه شعبنا المقاوم، رغم بطش المحتل وحجم التضحيات البشرية الكبيرة التي قدمها الثوار. الا انهم تمكنوا من ارضاخ الادارة البريطانيا لمطالب الشعب، فأدركت الادراة البريطانية حينها ان الجماهير العراقية الثائرة مصرة على نيل الاستقلال مهما كانت التضحيات ومهما كان الثمن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى