توتر الوضع الامني وتجاهل السياسيين لدعوات التهدئه تجر البلاد الى حرب اهلية
إن كل ما نراه الآن يعكس حقيقة ما عرفناهُ منذ سنين ، لكننا اليوم نشهد حقيقته بأم أعيننا، صراعات سياسية سلكت اتجاهاً خطيراً، قد تجر البلاد إلى حروب كثيرة و فتن لا نهاية لها، فأوراق اللعبة السياسية أصبحت مكشوفة أمام الجميع ، و المصالح الشخصية و عدم الاتفاق و التوافق بين السياسيين هو ما يمثل عقدة هذه النزاعات، و التطورات التي أخذت تتسارع بشكل كبير، لتـشكّل أزمة اعتبرها بعض المحللين بإنها من أصعب و أخطر الأزمات التي تمر فيها البلاد لاسيما في الآونة الأخيرة .
تظاهرات سلمية أم فرض للرأي
منذ السبت انطلق أنصار التيار الصدري في تظاهرة دعا إليها زعيمهم مقتدى الصدر نحو المنطقة الخضراء بهدف منع انعقاد جلسة كانت محتملة” لمجلس النواب العراقي لانتخاب رئيس للجمهورية و رئيس للوزراء، فبعد أن تم ترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء أخذت الأمور تضطرب و تسوء، و أشعلت غضب قادة التيار الصدري، لأن ما تم الأتفاق عليه يخالف إرادتهم السياسية و اتفاقاتهم للسيطرة على الحكم ، خاصة بعد تقديم نواب الكتلة الصدرية استقالاتهم من الحكومة في شهر يونيو من العام 2022 و هذا ما أشعل شرارة النزاع و زاد الوضع تعقيداً و إرباكاً.
مافيا التيار والسلطة
إن ما يقوم به مقتدى الصدر من استعراض للقوة الجماهيرية التي بين يديه، يعد تهديداً واضحاً للسياسيين الذين خططوا لإبعاد التيار وقادته عن إدارة الحكومة و شغل المناصب ، لكن هذه المحاولة تسببت بزعزعة استقرار الدولة العراقية و تهديد أمنها و السلم الأهلي فيها، فإن تظاهرات أنصار التيار لم تأت سوى بالفوضى التي تسببت بإعاقة المسيرة السياسية و تعطيل تشكيل الحكومة إلى إشعاراً آخر.
إن هذا الأمر يثبت أن زعيم التيار لا يعرف القواعد الأساسية لقيادة جيشه الذي يفتقر إلى التنظيم ، و أنه يقوم بشكل غير مباشر بإستخدام هذه المافيا بطريقة غير قانونية لما يخدم مصلحته و مطامعه الشخصية ، لتصفية الحسابات بعيداً عن مصلحة البلد و الشعب.
حقيقة الأزمة
إن الأزمة الحقيقية لم تكن بمنع انعقاد الجلسة كما هو واضح للعيان ، أو حتى رفض مرشح الإطار التنسيقي المتفق عليه من بعض قادة الكتل و الأحزاب ، فما يحدث خلف كواليس المشهد السياسي أكثر تعقيداً مما نشهده الآن ، و إن دل ذلك على شيء، فإنه يدل على تدهور و تشوه في العلاقات السياسية بين قادة الأحزاب و الكتل ، فما كان يجمعهم سراً ، قد قلب الأدوار و أسقط الثقة الواهية بينهم، و أن الجسور الواهنة التي بناها السياسيون طوال الأعوام السابقة، قد أصبحت آيلة للسقوط في اية لحظة، و محاولة منع سقوطها يكون باتفاقات و تنازلات لا تتوافق مع إراداتهم و حساباتهم خاصة في الوقت الراهن.
إن الخلل الحاصل في سير العملية السياسية ناجم عن صراعات و أحداث سابقة ، أدت إلى انهيار واضح في عمل ماكنة الدولة، فأصبح حل الأزمة عقيماً لا ينبثق ضوء الإصلاح منه ، و أن تبعات هذه التطورات جعلت المجتمع العراقي و الدولي يقف في حالة من القلق و الترقب ، فالتحليلات الأولية جراء ما يحدث تنذر بكارثة ستتسبب بحرب واسعة تجر البلاد إلى الهاوية مجدداً.
دعوات تهدئة لضبط النفس
لم تتوقف الدعوات المحلية و الدولية التي تطالب الجميع بضبط النفس و تهدئة الأوضاع، والإتجاه للحوار و نبذ العنف و الخلافات التي قد تكون نتيجتها إراقة الدماء ، إن تجاهل هذه الدعوات بشكل مستمر سيترتب عليها ضررٌ كبيرٌ لا سلام بعده، لذلك يجب على الساسة الاستماع لهذه الدعوات، خاصة من قبل مقتدى الصدر و قيادات التيار و أنصارهم ، لإيقاف احتجاجاتهم المسيرة و اعتصاماتهم التي تزيد من تفاقم الأمور ، فإن انقساماتهم قد تسلب الأمن و تؤدي إلى نتائج لن تحمد عقباها و ذلك خدمة لمصلحة الأحزاب و الأيادي التي تعبث بقوانين البلاد سراً بما يخدم مصالحهم الشخصية.
تقرير لـ نبراس جمال