حينما تفشل السياسات الحكومية تشعر الشعوب بمصير مشترك بينها وتتبنى عملاً سياسياً مشتركاً، لكنها في الغالب لا تبذل قصارى جهدها لتحقيق أهدافها ولا تأخذ بالتقييم الأخلاقي لأفعالها على محمل الجد ولذلك تكون السياسة هي دليل على محي محتواها الأخلاقي والتأكيد على أن سوء أفعالنا لن تتوقف. وعندما نفكر خارج السياسة فإننا ننطلق من عدم اليقين في إحداثياتنا الأخلاقية لدرجة إنه حتى الأحداث المختلفة والانعطافات المرجعية بحياتنا تطرح ضرورة جديدة في حالة عدم اليقين بما يبدو خارجها وكأنه صخب المصالح أو كالرغبات المحققة أو التي لم تتحقق أو المقنعة أو غير المقنعة للآخرين أو التي تلبي المصالح أو التي لها فائدة موضوعية أو غيرها.
تحتل المبادئ الأخلاقية للسياسة مكانًا وسطًا بين المعتقدات والرغبات وهي ليست متقلبة ولكنها لا تملك قوة في الإدانات لأنها تختبر دائمًا قيم الناس، لكن هذا لا يعني أن السياسة ستجعل الاعتقاد أخلاقيًا على الفور إنما ستدفع ببساطة عالم الإدانات وعالم التحفيز مرة أخرى مع إظهار القيود المتبادلة لكلا العالمين، ومن المستحيل حل التناقضات السياسية ببساطة عبر التلاعب بالرغبات لأنها ليست قادرة على تهدئتها لكنها قادرة على ايجاد رغبات جديدة في تحقيق بعضا من العدالة أو الرفاهية، وإن الأمر لا يتعلق فقط بالمحظورات أو التصاريح فالترخيص بما في ذلك الذي يقوم تحت ضغط من الرأي العام أو ضده يمكن تنفيذه بدون أي سياسة لتبين أن كل قرار ليس له عواقب محتملة فحسب بل من الممكن له أن يحدث كقرار وليس كإجراء مؤقت بحكم بعض الاحتمالات تقنع أن الاحتياجات لا تحدد على الفور الآراء والمعتقدات. وجراء ذلك فلا يمكن التوفيق
بين مصالح المجموعات الشعبية في إنشاء نظام سياسي معترف به باعتباره أفضل من المصالح الجماعية ولا يمكن أن تتم المصالحة إلا كأخلاقيات تطبيقية مع إظهار الدوافع الأخلاقية للمجموعات وبنائها على النتائج الضرورية لذلك الدافع والتي وحده يغير للمجموعة قرارها.
الأخلاق لا ينبغي أن تقلل من عقلانية السلوك البشري فقط بالبحث عن المتعة وتجنب الألم لأنها تستند على حقيقة أن الكذب أكثر خطورة من الحدس حتى في الجريمة ومن الضروري التحقيق ليس فقط عندما يتصرف الناس بشكل عقلاني أو نقيضه لأنه لن تكون النظرية السياسية واقعية تمامًا قبل أن تتوقف عن حسب النتائج المحتملة على المدى الطويل للسلوك ولا تحقق في كيفية تحقيق المنفعة عبر إستراتيجيات السلوك، كما أنه من المستحيل الحد من السياسة الحقيقية لتكتيكات السلوك وليس من الممكن أيضا التقليل من الأخلاقيات والاستراتيجيات السلوكية لذا يجب أن تصبح السياسة الحقيقية إستراتيجية في حين أن الأخلاق يجب أن تصبح تكتيكية والانتقال من دراسة تكتيكات مبررة لدراسة تكتيكات معقولة. ولذلك ففي العديد من النظريات الفلسفية الحديثة يتم اعتبار الحقوق الشخصية قبل تدوين الحقوق الشعبية والآليات لتنفيذها ويبدو أن الشعوب قد وهبوا لها بحكم طبيعتها الخاصة فيتم إعطاؤها كهيئة ولكن هنا يتبين على الفور أن هذه الذاتية مبنية على نحو ما كالحق في الاختيار والحق في التصرف بعقلانية والحق في الإيمان بالله والحق في تحقيق السعادة في حياة المرء، وهي حقوق متنوعة تماما منظمة بتنظيمات مختلفة تمامًا وقد تكون متوافقة أو لا تكون، ونحن نعلم جميعًا أن احترام الحقوق الأنسانية كان مكونًا ضروريًا لمجتمعنا ولكن إلى أي مدى يمكن أن يصبح جزءًا ضروريًا من خبرتنا ويؤثر على صنع القرار لدينا؟
أن الفلسفة السياسية لا يمكن أن تستند إلا إلى مفهوم الحقوق الفردية وإن عدم انتهاك حرمة القانون أمر مهم وهو ببساطة جعل الحقوق كأساس للحياة ويتزامن أفقها مع أفق الدساتير ومن غير المناسب مجرد الإشارة إلى حقيقة أنه لا توجد
مجتمعات ومجموعات من الحقوق الشخصية التي لن يكون لها أي نقاط لا تتقاطع في حين أن الحقوق الفردية تتطلب تنفيذ أوسع من أي وقت مضى لكنها لن تتطلب سوى الاعتراف بأبسط الامور وربما يكفي أن نفترض أن المواقف في السياسة هي التي تخدم تحقيق الصفات الفردية وتعتبر الانتهاكات نتيجة لحقيقة لا تتحقق بالكامل من قبل جميع المواطنين الذين يخلطون بين المواطنة والحصول على الامتيازات فلذا نحتاج إلى البحث عن نقطة التوافق السياسي، ولكن من الواضح أن الحقوق لا تعمل فقط على دعم استقلال المصالح أو حرمتها وإنما لتحسين التفاعلات الاجتماعية لانه من غير المقبول ببساطة الإصرار على تعميم جميع الحقوق كوسيلة ضد العنف غير إن البعض يعتبر عدم إدخال القانون هو العنف الوحيد المبرر، ولهذا نرى انه لم يعد بإمكاننا الحد بين فلسفة القانون والسياسة والتاريخ ولكن يمكننا التفكير فلسفيا لكوننا كائنات يتم التناغي بعقولها وافكارها من قبل الساسة بخطابات تاريخية مارقة !!!
بقلم/ الدكتور ميثاق بيات ألضيفي