تقرير: ’تركيبة جديدة’ للجنة مكافحة الفسادبصلاحيه واسعة… الكاظمي ينوي مواجهة ’الحيتان الكبيرة’
يبدو ان ملف القضاء على حيتان الفساد في العراق من اولويات رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي شكل مؤخرا لجنة خاصة بصلاحيات واسعة للتحقيق في ملفات الفساد والقضايا الكبرى.
وبحسب تقرير لصحيفة العرب اللندنية (5 أيلول 2020)، فان جهود الكاظمي في مجال ملاحقة كبار الفاسدين محاطة بالكثير من الشكوك، نظرا إلى الحصانة السياسية التي يتمتع بها هؤلاء، فضلا عن قضايا أخرى.
وادناه نص التقرير: شكل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لجنة خاصة للتحقيق في ملفات الفساد والقضايا الكبرى، موجها بمنحها صلاحيات استثنائية، في أول مؤشِّر من رئيس الحكومة على نيته مواجهة الحيتان الكبيرة في بلاده.
وبالنظر إلى تركيبة اللجنة الجديدة، والجهة الأمنية التي ستنفذ مهام مطاردة واعتقال الفاسدين، يبدو أن هناك نية حقيقية لاستهداف شخصيات قد تكون من الصف الأول.
وكلف الكاظمي الفريق الحقوقي أحمد طه هاشم، الذي سبق له أن خدم في مواقع استخبارية عليا ضمن وزارة الداخلية، برئاسة لجنة التحقيقات الخاصة. ويسانده مسؤول كبير في جهاز المخابرات، على أن يتولى جهاز مكافحة الإرهاب، الذي يقوده الجنرال عبدالوهاب الساعدي ذو الشعبية الكبيرة بعد هزيمة تنظيم داعش، مهمة تنفيذ أوامر الاعتقال القضائية ضد الفاسدين المطلوبين، حال صدورها.
وعزز الكاظمي اللجنة بممثلين عن جهات رقابية وأمنية أخرى، فيما أسندها بعدد كبير من الموظفين. وبحسب الأمر الذي حمل توقيع الكاظمي، فإن للجنة التحقيق الخاصة حق استدعاء أي عراقي للإدلاء بإفادته، إلا مَن جرى اتهامهم فعليا بشكل أصولي في قضية تقع ضمن صلاحيات هذه اللجنة، إذ تجري معاملة هؤلاء من خلال القضاء. ووفقا لتفسيرات خبراء في القانون والمسائل الإجرائية، يمكن لهذه اللجنة استدعاء جميع رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان السابقين، مع جميع الوزراء والمسؤولين والموظفين والساسة والتجار ورجال الأعمال، من غير المتهمين رسميا بقضايا فساد.
كما أن للّجنة حق فتح أي ملف فساد مغلق ضد أي شخصية، والتحقيق مع متهمين سابقين تمت تبرئتهم أو أدينوا أو ما زالوا قيد المراجعة، بشرط صدور أوامر قضائية بذلك، لمنع تداخل التحقيقات.
وأثار نبأ الإعلان عن تشكيل هذه اللجنة، ولاسيما تركيبتها، تفاعلا حماسيا في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث رأى العديد من المدونين أن الحرب الفعلية على الفاسدين في العراق بدأت فعلا. ويعد الجنرال الساعدي، قائد جهاز مكافحة الإرهاب، ذي التسليح الأميركي، أحد الخصوم الرئيسيين للفصائل الموالية لإيران والساسة المقربين من طهران، ويرى مراقبون أن تكليفه بهذا النوع من المهام مؤشر على اقتراب المواجهة.
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد إحسان الشمري أن ”تكليف جهاز مكافحة الإرهاب بتنفيذ القرارات المتعلقة بقضايا الفساد، مؤشر على احتكاك مسلح مع زعامات ومافيات الفساد”.
ويضع مراقبون هذا التطور في سياق حثِّ دول المنطقةِ والعالمِ العراقَ على مواجهة الفصائل الموالية لإيران، ووضع حد لهيمنتها على قرار البلاد سياسيا وأمنيا واقتصاديا. ويقول المحلل السياسي أحمد الأبيض إن ساعة الصفر يبدو أنها اقتربت كثيرا في العراق، مشيرا إلى ارتباط هذه التطورات بالزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى العراق.
وأضاف الأبيض أن زيارة الرئيس الفرنسي يمكن ترجمتها إلى أنه “وسيط لنقل التحذير النهائي للفصائل”. وأوضح “الآن بدأ الامتحان الصعب لجدية الكاظمي بفرض هيبة الدولة”.
وسبق لحكومة الكاظمي أن احتكت برئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، عبر أحد أصهاره، عندما أصدرت قرارَ تجميدِ ممتلكاته إثر استغلاله ممتلكات تابعة للدولة بشكل غير أصولي.
ويعد المالكي من بين أبرز الأهداف التي يطالب الشارع العراقي الغاضب بملاحقتها، لتسببه في سقوط ثلث أراضي البلاد على أيدي عناصر تنظيم داعش في آخر عام من سنوات حكمه الثماني، بالإضافة إلى مسؤوليته عن سرقة وتبديد نحو ألف مليار دولار بين عامي 2006 و2014.
لكن جهود الكاظمي في مجال ملاحقة كبار الفاسدين محاطة بالكثير من الشكوك، نظرا إلى الحصانة السياسية التي يتمتع بها هؤلاء، وصلة معظمهم الوثيقة بطهران، القادرة على تحريك ميليشياتها المسلحة داخل العراق لإرباك الأوضاع.
لذلك، يعلق المراقبون توقعاتهم بشأن جدية أي حملة قانونية لملاحقة الفاسدين على مدى جاهزية القوات العراقية المسلحة لخوض مواجهة مباشرة مع الفصائل التي تحميهم، وهو ما يمكن أن تكشف عنه الشهور القليلة القادمة.