تعريف البلدية
د. فاتح عبدالسلام
كلمة البلدية في العراق لها معنى خدمي بسيط جداً وناقص وضبابي، ارتبط غالباً بأعداد قليلة من الزبّالين الذين كانوا في فترة السبعينات والثمانينات شخصيات معروفة لجميع أبناء الحي السكني، وباتوا اليوم اشباحاً، وكذلك سيارات جمع الزبالة التي اختفى ظهورها في كثير من المدن. كثير من المسميات في الإدارة المدنية للمحافظات تحتاج الى إعادة تعريف واعتماد أسس جديدة كمسارات عمل وظيفية ملزمة لتقديم الخدمات الى الناس. لعلنا نحتاج الى انتخابات مجالس بلدية، قبل مجالس المحافظات التي باتت غطاءً ثقيلاً جاثماً على أوكار الخلل لا تتيح الفرصة لمَن يريد أن يعمل من اجل الإصلاح. والبلديات في المحافظات، ليس لها مفهوم واضح في الاحياء السكنية، ولا ترتبط بها منظومة المخاتير التي تعمل كأساس علاقاتي منفصل بين المواطنين والدولة في كثير من الأحيان، بالرغم من أن بعض المخاتير لا يمتلكون الشروط الحقيقية المعروفة لتولي منصب مختار لأسباب كثيرة، منها هذا الهوان والتراخي والاستخفاف في اختيار المديرين والمسؤولين عن اقسام خدمية عديدة، باتت منخورة بالفساد بحكم القيادات الإدارية التي تقف فوقها رأسها. بعض المدن الكبيرة، تحتاج الى إعادة تقسيماتها الإدارية انسجاما مع التوسع في المساحات السكنية، نظرا للحاجة الى خدمات تواكب ذلك التوسع. في الجانب الآخر، تبدو مجلس المحافظات مشلولة وغائبة عن أي دور رقابي وخدمي يلمس من خلاله المواطنون فروقات نوعية في العلاقة بين مجلس قديم ومجلس جديد تنجبه رحم الانتخابات. من زاوية أخرى، يصيبنا اليأس من امكانية قيام وزير بزيارات تفقدية لدوائر وزارته الموزعة في المحافظات او مناطق أساسية في بغداد، اذ لا تزال اغلبية الوزراء خاضعة لضغوط تثبيت المسارات القديمة مهما كان الوزير متحمسا عند وصوله الى كرسي الوزارة ، والسبب هو وجود غرف التحكم السرية، العلنية لكل وزارة ، تضم غالبا وكيلي وزارات ومديرين عامين واحيانا ملاحظين صغاراً، لكن هؤلاء لا يتحركون وحدهم، وانما يخضعون لتلك الايدي التي تحرك العملية السياسية وتنسق صفقاتها على نحو مستمر، وعشية كُل انتخابات.