تشرين
علاء الحطاب
تتجه اغلب طروحات الفكر السياسي سواء القديم والوسيط ام الحديث والمعاصر الى ان تكون وظيفة السلطة السياسية هي تحقيق السعادة للناس، وهكذا رأى افلاطون ان وظيفة السلطة نابعة من اصل وجودها وشرعيتها (انسانية، ارادية).
وتحقيق ذلك يتم عن طريق المعرفة لان الفضيلة والمعرفة هما مصدرا سعادة الناس وهكذا تتأصل لديه السلطة ومن ورائها الدولة عبر مسؤوليتها في الوصول بالناس الى السعادة عن طريق الفضيلة والمعرفة.
ويتطلب تحقيق السلطة السياسية لهدفها الاساس هذا انجاز وظائف اساسية اخرى تتبع الهدف الاول “اسعاد الناس” وتساعد في بلوغه من خلال (حماية المجتمع من الخطر الخارجي – تلبية الحاجات الطبيعية للناس – ادارة شؤون المجتمع وتنظيم علاقاته وتفاعلاته وتوجيهها)، اذ ان هدف السلطة السياسية لديه هو اسعاد الناس وجلب الخير لهم، كان ذلك منذ عام 360 قبل الميلاد وما سبقه .
اليوم تشير بعض طروحات الفكر السياسي المعاصر في ان مفهوم “الرضا والقبول” من قبل المستَهدفين بوظائف السلطة السياسية هو المعيار الاهم لنجاح هذه السلطة او فشلها ومن وراء ذلك نجاح النظام السياسي الذي اوجد هذه السلطة السياسية، لذا نجد ان مفهوم الانتخابات غائب في “بعض” النظم الملكية، لكن الجمهور راضٍ الى حد كبير بأداء السلطة السياسية لديه مما ولد استقرارا سياسيالديه.
مرت ذكرى حراك تشرين قبل يومين وتتمحور جميع مطالبها بتأمين حاجيات الناس ومن ثم اسعادهم الامر الذي اشار اليه افلاطون وغيره قبل الاف السنين، اما نحن فلم نفهم الدرس بعد، فحراك تشرين غير متعلق بهذا التأريخ الذي انطلق فيه في الاول من العام الماضي بل هو استمرار في الضغط على القائمين بأمر السلطة السياسية لتأدية مهامهم التي وجدوا من اجلها. حراك تشرين سابق لتأريخه الذي انطلق فيه وسيبقى مستمرا مادامت اسباب انطلاقه قائمة، وتجاوز هذه الاسباب يحتاج اول ما يحتاجه الى ارادة سياسية تدرك معنى واسباب وجودها في اسعاد الناس من خلال تأمين ظروف عيشهم بحرية وكرامة.
لا سيما في بلد زاخر بالخيرات من خلال موقعه الجغرافي وطبيعة موارده المتنوعة والمتعددة، لكنها تحتاج الى توظيف وادارة صحيحة. في ذكرى تشرين علينا جميعا ان نفهم الدرس جيدا ان هذا الحراك ليس حراكا مرحليا بل هو سُنة طُبع عليها البشر في المطالبة بادارتهم وادارة حياتهم بالشكل الذي يوفر لهم حياة كريمة، وان لم ندرك ذلك جميعنا فسيستمر هذا الحراك كل يوم وتستمر معه الازمات والمشكلات ومن ثم عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي وحتى الثقافي.