“تخاطر تركيا اليوم كثيراً مع روسيا لحماية تنظيمات الإرهاب التابعة لها”
الكاتب : عبد الله بن بجاد العتيبي
السياسة التركية الحالية سياسة معادية للعرب دولاً وشعوباً بحيث لا تكاد دولة عربية تسلم من التدخلات أو المؤامرات التركية ما عدا الدول الصغيرة غير المؤثرة أو دولة عربية صغيرة واحدة متحالفة مع تركيا.
العداء التركي ينصب على الدول العربية القائدة والرائدة مثل مصر والسعودية والإمارات كما يرتكز على التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية المحاذية لها في العراق وسوريا وهو يمتد للدول المهزوزة والضعيفة في الصومال والسودان سابقاً ويضع قاعدة عسكرية في دولة عربية صغيرة شاذة عن السياق الخليجي والعربي.
في العراق وسوريا كان دور تركيا دوراً خطيراً وهو دور لم يسلّط الضوء عليه عالمياً بالقدر الكافي بعد بحيث كانت خطورته اختيار تركيا الانحياز لجماعات الإسلام السياسي وجماعات الإرهاب في سوريا ضد المعارضين السوريين الوطنيين المعتدلين وما جرى إبان ما كان يعرف بـ«الربيع العربي»، وبخاصة في سوريا يحتاج إلى بحوث مطولة للشرح.
لقد كان ثمة أخطاء داخلية وخارجية، وقد عملت السعودية على دعم الشعب السوري، ولكن كان التدخل القطري التركي حاسماً في تخريب القضية السورية وتحويلها من مسارها الطبيعي إلى مسار الأصولية والإرهاب وامتدت تأثيرات ذلك على العراق وغيرها من البلدان العربية في لحظةٍ كاشفةٍ لاصطدام تاريخي بين المشاريع المتصارعة في المنطقة واختلالاتٍ في مواقف القوى الدولية نحوها.
اللاجئون السوريون أصبحوا رسمياً ورقةً صغيرةً في جيب صانع القرار التركي، يتلاعب بها بشكل استغلالي بشعٍ لا علاقة له بالسياسة ولا بالأخلاق ولا بالإسلام التي تسعى تركيا الحالية لادعاء تمثيله والحديث باسمه، إنها تفاوض الاتحاد الأوروبي بدماء السوريين وحياتهم وتهدده بإطلاق اللاجئين اللاهثين خلف حلم الأمن والأمان وحماية الأبناء ومستقبلهم الضائع في أتون الصراعات الكبرى.
هذا لم يحدث بين عشيةٍ وضحاها ولكنها استراتيجية تركية استمرت لعقد من الزمان، بدأت بدعم «الجيش السوري الحر» بكل فصائله وتياراته وممثليه، ومن ثم جرى انحياز تدريجي لممثلي جماعة «الإخوان» من قبل تركيا ولممثلي كل جماعات «الإسلام السياسي»، وكل تنظيمات الإرهاب من قبل دولة عربية صغيرة دعمت «القاعدة» و«داعش» كما دعمت الميليشيات الشيعية العاملة في سوريا، ودعمت التهجير القسري في سلسلة من السياسات الفاشلة التي كان المقصود الأكبر منها إفشال السياسة السعودية الداعمة للشعب السوري.
ومن ثم، وحين انتصرت جماعات الإرهاب ربطت تركيا كل سياساتها بدعم تنظيمات الإرهاب المسيطرة في الشمال السوري من جبهة «النصرة» إلى «فتح الشام» إلى العشرات من المسميات والتنظيمات، التي لم تزل تعيد التشكل في كل فترة بحسب مصالح الداعمين، وكانت بيضة القبّان حين خرج تنظيم «داعش» في العراق والشام وسيطر على مساحاتٍ ضخمةٍ من أرض العراق وسوريا وبالتحديد المواقع الغنية بالنفط في البلدين.
تخاطر تركيا اليوم كثيراً مع روسيا لحماية تنظيمات الإرهاب التابعة لها في الشمال السوري وهي تستخدم الشعب السوري المغلوب على أمره كرهينة سياسية للتفاوض مع روسيا وللتلاعب السياسي بين أميركا والاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي من جهة وبين روسيا من الجهة المقابلة.
لسنواتٍ ربطت تركيا مصالحها النفطية مع تنظيم «داعش» في العراق وسوريا وحصلت على المليارات من الدولارات ضمن عمليات فاسدةٍ شارك فيها كبار المسؤولين الأتراك وأبناؤهم والمقربون منهم، ولولا الرؤية الخاطئة للإدارة الأميركية السابقة، ولولا هذه الحلقة الاقتصادية الخطيرة، لما كان لتنظيم «داعش» أن يجد كل ذلك الوجود والتأثير حول العالم.
أخيراً، فليس سراً أن الجنود الأتراك صاروا يموتون كل يومٍ على الأرض العربية السورية أو الليبية، وأن السوريين تريدهم تركيا مرتزقة بأمرها وورقة للتلاعب مع الغرب.