بوح:آلوووووووه .. معاك العراق
عذاب الركابي
آلوووووه .. معاك العراق !معاك كلّ شجرةٍ ونخلةٍ ونبتةٍ ومخلوقٍ فوق أرضِ سومر ، وبابل ، وآشور أقدم الحضارات ، معاك نبوخذ نصر ، وحمورابي ، وكلّ حرفٍ منقوشٍ في مسلتهِ ينطقُ بالإنسانية ، حين وضع قوانين المحبة للبشر في اللازمان واللامكان ، وهو يسألُ ظامئاً ، فيما إذا كانت قوانينهُ الإنسانية – الحضارية سارية المفعول ، ويُؤخذُ بها حتى هذا التاريخ !؟ أم أنها في ذاكرة النسيان!؟ آلوووووه .. معاك العراق !معاك تتكلمُ أقدمُ نخلةٍ في التاريخ ، غرستها يدُ الله فوق ترتبته ، وتناسلت بصفاء هواءٍ ، ونقاء قطراتِ مطرٍ ، وأصبحت ملايين في شموخ وكبرياء ثمرٍ متنوع ، يسابقُ في طعمه ما أنتج العالم كله من فاكهةٍ .. تحدت العواصف والزلازل ونيران الحروب المفتعلة ، صناعة الأنظمة الطاغية ، وظلت وفية لجذورِها وسعفِها وتمرِها وعصافيرِها ، وتفيضُ أفياؤها بالفرح والأمان والألفة ، نسيج ذاكرة الإنسان البسيط الكادح التي لايطالها صدأ النسيان ، وثروتهُ قلبهُ ، وحبّ لوطنه .. ويغضبُ ثمرها ، ويبخلُ بطعمهِ حين تمتهنُ السلطات الحاكمة المواطن العراقي ، أو تصادر حريته وأحلامه ، وتحرمه من أبسط حقوقه في الحياة ، وتربك طريق أطفاله إلى المستقبل ، وعناق الصباحات الجديدة .آلووووووه .. معاك العراق !معاك أحفاد الذين فجروا براكين ثورة العشرين العظيمة ، وهزموا الجنرال”مود” وقواته ، بسلاحهم التقليدي ، لأنهم كانوا يحاربون بقلوبهم ، وسلاحهم الأكثر مضاء حبّ الوطن ، والصلاة للأرض ، لا عقائد مزيفة ، ولا أحزاب متجبرة ، ولا ميليشيات طاغية مستبدة ، ولا حكومات فاشلة تابعة لقوى خفية وظاهرة ، تسيّرها وطوع أمرها على حساب حياة ووجود شعبها .. آلوووووه معاك أحفاد ثورة العشرين ، مَن كانت الحرية معبودتهم ، وقد غدت قدراً .. إلهاً أسطورياً ، معابدهُ المضيئة في أرواحهم التي صاغت الأهزوجة الخالدة العظيمة ” الطوب أحسن لو مكواري ” لحظة طرد الأنجليز من كل شبر ، والانتصار على جحافل جيشهم.آلووووووه .. معاك العراق !معاك ممالك ومنارات اللغة والفقه والشعر والحضارة .. من النجف والكوفة وواسط والبصرة معقل فصحاء وبلغاء العرب قاطبة ، حيث مدارس الكوفيين والبصريين ، مَن أرسوا قواعد النحو والبلاغة واللغة في دروس ظاميء لها العالم أجمع ، وحيث وضعَ أبو الأسود الدؤلي النقاط على الحروف العربية .. آلووووه معاك مَنْ وضعوا حجر الأساس لعمارات شاهقة للغة العربية والأدب ، سحرت القاصي والداني ، بقواعد وأسس ونظريات ومفاهيم عابرة للبحار والقارات والحدود والأزمان : ” تكلمْ حتى أعرفك !معاك فرسان اللغة والبلاغة من البصرة والكوفة والموصل ، وسلاحهم في مواجهة بلادة العالم اللغة بطزاجة حروفها ، والبلاغة في روعة وجمال صورها ، والشعر في جديده وثورته في اللازمان . آلووووووه .. معاك العراق !معاك قلاع ومنابر الشعر والفن ، بجنودٍ نهاريين دهريين .. معاك أبو الطيب المتنبي رسول الحكمة الذي ملأ الدنيا وشغل الناس ، وأحفادهُ التموزيون ، الرصافي والجواهري والسياب والبياتي ونازك الملائكة وحسين مردان وفوزي كريم ، مَن فجروا أنهار اللغة ، وجددوا في قوانين الشعر ، واستبدلوا الستة عشر بحراُ ، بستمائة بحر ، وهم يعطون للكلمة حرية المبادرة .. آلووووه معاك جواد سليم ، وشاكر حسن آل سعيد ، وقاسم حول ، ومنير بشير ، ويوسف العاني ، وحضيري أو عزيز ، وفاضل عواد … معاك مَنْ أسسوا ممالك الفن التشكيلي والمسرح والسينما والموسيقا والغناء .. آلوووووه .. معاك العراق !معاك نينوى ، وأور ، والحدباء ، وأم الربيعين دروس بليغة للتاريخ وإنسان اليوم والغد والآتي الجميل .. ! آلووووه معاك أمواج دجلة والفرات ، الشاهدين على أصالة الإنسان فوق هذه الأرض الذي لايقبل الخيانة والإذلال والامتهان ، صانع المستقبل الجميل ، والحياة الأجمل ، والأجيال بقلوبٍ من صوان ، خارج قوانين الحكومات التترية البائدة ، وتبعيتها الفاضحة للآخر الغريب .. معاك عراق المستقبل القادم بخطوات القديسين والأنبياء !