بلاد الحرائق
فاتح عبدالسلام
كثرت الحرائق في العراق، وكأنّ الحرائق السياسية ليست كافية لتكتمل الدائرة بتكرار نشوب النيران في معظم محافظات البلاد فضلا عن العاصمة في خلال السنوات الثلاث الماضية على نحو خاص. كانت هناك حرائق في أوقات ماضية في مباني وزارات ومديريات لأسباب تتصل بواقع الفساد الذي نخر على مدى عقدين الدولة العراقية، وجرى التكالب لإخفاء ادلة السرقات عبر الحرائق المفتعلة، وكانت التحقيقات التاي تواكب تلك الحرائق أكثر فساداً. وحتى اليوم لنا ان نتوقع حريقاً هنا او هناك على طريق عمليات الفساد.لكن في الجانب الاخر، فرض الوضع المتردي لمنظومات توليد الكهرباء في البلاد ظهور هذه الشبكات المصطنعة المرتبطة بطريقة عشوائية بمولدات غير خاضعة للصيانة بمواصفات سليمة والمنتشرة في الاحياء السكنية المزدحمة. وهذا عامل مساعد لحدوث مشاكل في خطوط التوصيل ينجم عنها حرائق، الى جانب غياب أنظمة السلامة المدنية في المباني الحديثة او القديمة إلا ما ندر وتحت المستوى المقبول، كما انّ ثقافة الدفاع المدني شبه غائبة، وتعدها معظم الوزارات والمؤسسات والجامعات والمدارس من الأمور الثانوية والكمالية، لذلك تكون الخسائر كبيرة عند نشوب حريق بسبب تلك النواقص في الوعي والأدوات والوسائل والإدارة مجتمعة.الطقس الصيفي في العراق بحد ذاته سبب لاستنفار أجهزة الدفاع المدني في جميع الدوائر الحكومية لتكون في حالة استعداد لأي طارئ ناتج عن الحرارة المرتفعة المسببة للاشتعال غير المتوقع في أماكن نظنّها آمنة.امام هذا الواقع المقلق، لابدّ من تحديث وسائل الدفاع المدني واجراءاته و إعادة الروح في مفاصله المتكلسة، ولعل وزارة الداخلية ذات الاختصاص مدعوة قبل سواها من اجل إقامة مناورات على النسق العسكري لأجهزة الدفاع المدني والتانسيق مع الوزارات كافة في هذه الفعالية التدريبية ومحاكاة احداثاً وهمية للتدريب الشاق واختبار الإمكانات و رفع مستوى كفاءة عناصر الجهاز، ولا بأس ان تكون هناك خبرات اجنبية منتخبة لاسيما لدى الدول العربية المتقدمة في هذا الجانب من اجل النهوض بالد فاع المدني والاستعداد لما هو، أسوأ دائماً.