بعد 20 عاما هل ما زال العراق بحاجة إلى واشنطن؟
محمد حسن الساعدي
أصبح العراقيون مدركين تماماً، أن المشاكل التي يمر بها بلدهم وحلولها باتت بأيديهم، وهم من يمتلكون أدوات التغيير، حتى مع وجود واشنطن، التي مازالت تمتلك خيوطاً لها كشريك وليست مسيطرة على القرار السياسي الوطني. يبدو ان العراقيين باتوا يتطلعون إلى سياسييهم، بأن يكونوا على قدر المسؤولية في تنفيذ مطالبهم وحقوقهم، بالإضافة إلى إيجاد الحلول الناجحة لمشاكل الفساد، التي أخذت تتجذر أكثر فأكثر في مؤسسات الدولة، وغيرها من المشاكل التي بدأت تؤثر على المشهد الاقتصادي، وآخرها التأثير المناخي التي بدأت تلقي بظلالها على الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وزاد من مخاوف المجتمع العراقي ككل، في قدراتهم على تحسين وضعهم المعاشي، بما فيها العثور على وظائف، أمام تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد وزيادة الأسعار، وما رافقها من أزمات أثرت على الوضع العام كأزمة المياه، وتسارع سياسة تركيا في زيادة إعداد السدود على نهري دجلة والفرات، ما سرّع كثيراً في زيادة نسبة التصحر، وهذا ما أكده تقرير البنك الدولي لعام 2020. الشعب العراقي أصبح على يقين، أن المشاكل التي تمر بها البلاد، لا يمكن حلها من الخارج، وأن معالجتها ينبغي أن تكون داخليا، وليس هناك أي إرادة خارجية لإجراء أي تعديلات أو تغيرات، على البناء الاقتصادي والسياسي للبلاد، لأن الأزمة ليست سياسية أو مالية اقتصادية، بقدر ما هي أزمة إدارة. الولايات المتحدة كشريك أيضاً، لها أدوات عقابية تجاه العراق، ويمكن لها أن تستغل القوانين لمعاقبته كقانون “ماغنسي” الذي يمكن استخدامه في عمليات تهريب الأموال إلى الخارج، وتقديم الدعم اللازم لمجموعة مراقبة مكافحة الفساد في العراق، حيث تساعد واشنطن في إعادة الأموال وتجميد المهرب منها، والتي ترى بأن الدولار عملتها الرسمية، ومن حقها متابعة عمليات تهريبه وملاحقاتها، ومنعها من الفاسدين، وإيقاف أموالهم في البنوك الغربية . يعتقد بأنه بات ممكناً للعراق، أن يجد حلاً لمشاكله من خلال نظام “الحوكمة” الذي سيسهل عملية مواجهة تحديات الإصلاحات الاقتصادية، وجذب الاستثمارات في مختلف المشاريع، و أهمها المجال النفطي، واستثمار عمليات الغاز المصاحب في توليد الطاقة، واستخدام المياه العذبة التي بدأت تشح في بلاد الرافدين. هناك من يرى أن على واشنطن، أن تكون جادة ومهتمة باستقرار العراق، وتطوره وازدهاره وتطوير قدراته الإدارية والاقتصادية، وان تنفذ ما عليها من التزامات، وأن تكون صادقة في ذلك، وإلا فإن العراق بقدراته البشرية والمالية، يمكن أن يكون متقدما في المجال الاقتصادي، وسط الانفتاح على الوضع الإقليمي والدولي، الذي بالتأكيد سيؤثر بالإيجاب، على اتساع رقعة الاستثمار في البلاد . العراق بدأ يصبح أكثر قدرة على حماية نفسه، ويعمل على تثبيت دعائم أمنه واستقراره وسيادته، ويمكنه الدفاع ضد أي خطر يهدد آمنة واستقراره، وآخره تنظيم داعش الإرهابي، حين استطاع بقدرة أبنائه، أن يكون أن يقود حربا بالنيابة عن العالم، ضد هذا التنظيم الإرهابي، ومنع المخطط الدولي في تقسيمه. يبقى الخطر الأكبر والأبرز الذي يهدد الدولة العراقية، هو الفساد المستشري الذي بدأ يضرب أركانه، ويصل إلى القيادات السياسية، والذي يعد احد الموروثات السلبية للتدخل الأميركي، وساعد في تكوين طبقة من الأثرياء، حيث تصل شهرياً ما بين مليار إلى ملياري دولار أمواله من البنك الفيدرالي الأمريكي، لدعم رواتب موظفيه، وتوفير رأس المال للمشاريع والاتفاقيات التجارية الخارجية، فتوفرت بيئة للفاسدين من سرقة المال والتلاعب به، حتى وصل الحال إلى اختلاس مليارين ونصف المليار دولار، في صفقة وصفت بأنها الأقوى والأكثر فساداً في القرن الحالي.