بعد 18 سنة هل نجح أبو گصبة أم فاز إفلاطون ؟
بعد 18 سنة هل نجح أبو گصبة أم فاز إفلاطون ؟ – منقذ داغر
كنا ثلاث ضباط ممن بقينا في مقرنا البديل في كلية الدفاع الوطني بالوزيرية،في صبيحة ذاك اليوم من نيسان 2003. توادعنا ولم نكن نعرف ما سيحدث لنا او للعراق.هو صباح لا أحب تذكره!ففيه شاهدت من بعيد اول دبابة وبسطال امريكيان،وانا عائد الى بيت ابي نبيل،الرجل الطيب الذي استضافني انا وعائلتي،في داره بالمنصور (قرب اورزدي المنصور)لان بيتي كان في منطقة خطرة. شاهدتُ ابي نبيل هاشاً،باشاً،فرحاً بسقوط النظام وبالاحتلال.اما انا فكان بادياً الغضب والوجوم على محياي.كان شعوري لا يوصف،فهو مزيج من الذل والغضب،والاحباط والخجل،والخوف من الحاضر وترقب المجهول!لا تزعل،قال ابو نبيل،فالقادم بالتأكيد افضل. قلت،وانا انظر للحواسم وقد بدوا كاسراب الجراد وهو ينقض على سوق المنصور المركزي،اتمنى ان يكون ما تقوله صحيح،لكني أخشى ان القادم ليحكمنا مثِل ابو گصبة،الذي جعل الناس تترحم على ابيه الذي كان يسرق اكفان الموتى.قال،وكيف ذلك؟ قلت ان(ابو گصبة)لم يكتفِ بسرقة اكفان الموتى،بل كان يزيد على فعله الخسيس بأن يمثل بالجثة فيضع(گصبة)فيها،كي تقول الناس:رحم الله اباه الذي كان يكتفي بسرقة الكفن فقط!!في ذاك اليوم بدأتُ مراجعةً جديةً لكل ما حصل لنا في العراق،بضمن ذلك كثير من المفاهيم التي كنتُ مبهوراً فيها،فبدت ليس اكثر من سخافات ابتلعتُها وآمنتُ فيها،مخدوعاً او ساذجاً. معظم تلك السذاجات والخرافات كانت مبنية على اسس الحماس اللاعقلاني ،والشعور الزائف بالقوة وبالحق كما نراه وليس كما يراه الاخرون. كنت وغيري من الضباط المحترفين نتساءل: نعلم جيداً ان العدو الامريكي متفوق علينا بسنين ضوئية فما الذي يجعل النظام يؤكد انه سينتصر؟! ولكي نقنع انفسنا،كنا نقول:لا بد ان تكون اسلحة الدمار الشامل او سلاح(ما) لا نعرفه جاهز بيد (القيادة) لكي يقلب المعادلة ويمحق الاعداء!!وحين سمعنا من زملاءنا الضباط في الوحدات الفعــــــــــــالة انهم كانوا يقاتلون اشباحاً لا يرونها لان دباباتهم واسلحتهم كانت تُدمر من بعد الاف الكيلومترات، كنا نتساءل متى يتم استخدام صواريخ العباس او الحسين أو طائرة عدنان 1 ،او سواها من المخترعات العسكرية التي سوّقها لنا النظام وملء بها عقولنا وخيالاتنا ففاقم شعورنا بالقوة الخاوية؟!!بل متى (نهلطهم) بالكيمياوي المزدوج وهم قد هلطوا جيشنا وشعبنا ودمروا بُنانا وشوارعنا،وارهبوا اطفالنا وقطعوا عنا كل سبل الحياة؟!!متى نشاهد(العلوج) وقد جندلهم (الويلاد)؟!لكننا لم نشاهد سوى في الاعلام ،(برنو)منگاش وهو يُسقِط في طويريج التي صارت عوجة العراق،الاباتشي الامريكية!!فاكتشفتُ بعد 2500 سنة ما اكتشفهُ افلاطون باننا لم نعدو كوننا اولئك المسجونين في الكهف الذين اعتقدوا ان ماكانوا يشاهدوه من صور تتراءى على جدار الكهف هو الحقيقة،في حين انه لم يعدو كونه ظلال الاشياء التي تعكسها النيران الموقدة على باب الكهف!!اليوم وبعد 18 سنة على الاحتلال اتساءل: هل يترحم العراقيون الان على والد (ابو گصبة) الذي بيّض صورة اباه في اذهان الناس؟اعرف ان صديقي ابا نبيل بات يترحم الان على ذاك الوالد،واعرف (من استطلاعات الرأي التي اجريها دورياً).ان كثير من العراقيين يشتمون ابو گصبة ليل نهار، لكن ماذا عمّن جاء مع ابي گصبة؟!كيف يفكر بهذا التاريخ الان ؟!وأهم من ذلك، اتساءل:هل استوعبنا دروس التاريخ،والواقع ،والعلم والتي لم يستوعبها والد (ابو گصبة) فأوردنا التهلكة بحجة ان الله والحق معه،وانه يريد تحرير فلسطين والقضاء على الامبريالية الدولية وتوحيد الامة تحت راية الله واكبر؟! هلا استوعبــــنا ان الشعارات الفارغة، والايدلوجية الجوفاء، والشعور الكاذب بالقوة ماهي الا اوهام في اذهان المستبدين يسوقونها للبسطاء ويُقنعون بها البلهاء،كي يتمكنوا من رقابهم وثروتهم؟!