بدعة النتائج غير النهائية
د. فاتح عبدالسلام
لا أدري من أين جرى أخذ هذه البدعة السياسية في العراق واللجوء غير مرة الى اعلان نتائج أولية لقضايا أساسية وربّما مصيرية، وتكرر الامر مرتين في خلال أسابيع قليلة، إذ أعلنت المفوضية العليا النتائج الاولية للانتخابات وأثارت بها عاصفة من الاعتراضات من الجهات الخاسرة لكن المتنفذة في الوقت ذاته، ما رفع نسبة التصعيد الأمني في بلد هو في حاجة شديدة للاستقرار والهدوء وإبعاد شبح التهديدات . ثم جاء اعلان آخرغير مكتمل لنتائج التحقيقات في محاولة اغتيال رئيس الحكومة العراقية، من دون وجود اضطرار لإعلان غير كامل، يضم تفاصيل معروفة منذ اليوم الأول، ويفتقد لعنصر كشف الجهة المتورطة. لو كان اعلان نتائج التحقيق الأولية في الساعات التالية لمحاولة الاغتيال، لجاءَ الامر مبرراً في تقديم معلومة سريعة تميط اللثام عن حجم الحدث لكي لا تتسع الاحتمالات المقلقة والتكهنات والتأويلات بما يزيد المشهد اضطراباً. لكن، بعد مضي عدة أسابيع، لا يمكن النظر الى اعلان نتائج أولية لتحقيقات أمنية ، وهي ليست معلومات خارقة وجديدة تماماً، إلا من باب الورقة السياسية التلويحية لجهات تعرفها الحكومة وتعرف مدى تورطها، وهو ما قاله في الساعات الأولى رئيس الوزراء في انه يعرف مَن قام بالهجوم، محجماً الإفصاح عن المسميات. هل يمكن النظر الى اعلان غير مكتمل للتحقيقات، يتوافر على هامش كبير لإضافات محتملة في قابل الأيام على انه ورقة الضغط المرحلية لعمل مباغتة استباقية انذارية لبعض القوى التي تتوعد بإثارة الشارع بعد اعلان النتائج النهائية للانتخابات المرفوضة من قبلها. هذه الأوضاع تحاكي ما كان يفعله رئيس حكومة أسبق في التلويح بالملفات المؤجلة والمحتفظ بها للاستخدام عند الشدة. وكلنا نعلم كيف كانت أحوال البلد حين دخلت لعبة الملفات والمساومات والاستهدافات في صلب العملية السياسية.