إلى كلّ المتباكين على ضياع هيبة الدولة ..
بقلم/ أياد السماوي
من يقرأ تأريخ العراق الحديث والمراحل التي مرّت بها الدولة العراقية منذ تأسيسها قبل مائة عام على يد مؤسسها الملك فيصل الأول , سيصل إلى حقيقة مؤلمة هي أنّ العراق كبلد لم يمرّ في تأريخه لغياب شبه تام لهيبة الدولة كما هو الحال في عهد رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي .. حيث يعتقد البعض أنّ غياب هيبة الدولة ينحسر فقط في هذه المظاهر والاستعراضات العسكرية التي تقوم بها بعض المليشيات المسلّحة غير المرّخصة بين الحين والآخر داخل العاصمة بغداد وبعض المحافظات , في تحد واضح للدولة وأجهزتها الأمنية .. والحقيقة أنّ هذه المظاهر والاستعراضات المسلّحة ما هي إلى وجه واحد من وجوه فقدان الهيبة والسيادة في ظل هذه حكومة مصطفى الكاظمي الفاقدة للأهلية والصلاحية .. وبدورنا نسأل المتباكين على فقدان الدولة لهيبتها .. ألستم أنتم أول من داس على هذه الهيبة حين اقتحم أنصاركم مجلسي النواب والوزراء اللذان يمثلان سيادة البلد وأطلقتم حرافيشكم للعبث بهما ؟ من الذي رمى هيبة الدولة بالوحل وجرّأ الآخرين على سحقها ؟ ومن هو أول من استعرض قوّته العسكرية في العاصمة بغداد وباقي المحافظات ؟ وهل هذه الاستعراضات العسكرية حلال عليكم وحرام على غيركم ؟ كيف يمكن القبول بصيف وشتاء على سطح واحد ؟ ..ولهؤلاء المتباكين على هيبة الدولة نقول .. هيبة الدولة المستباحة لا تنحسر باستعراض السلاح والقوّة من قبل المليشيات المسلّحة غير المرّخصة , بل أنّ هذه الهيبة المستباحة والمفقودة لها أوجه أخرى غير المظاهر المسلّحة قد شارك الجميع بها دون استثناء , سواء كانت الحكومة نفسها أو أي من الأحزاب والكتل السياسية التي تشترك في تشكيلها .. فحين تقوم الحكومة بتشكيل لجنة خارج القانون لمكافحة الفساد , وتطلق لها العنان بارتكاب الفضائع والجرائم أمام مرأى ومسمع الجميع , وبدون أي رادع من قبل القضاء والقانون , فهذا التصرّف قد مهدّ السبيل للآخرين للتجاوز على هيبة الدولة .. وحين تشترك الحكومة مع الكتل السياسية في سرقة مال الشعب العراقي من خلال الصفقات المريبة مع شركات الفساد كما حدث في تجديد عقود الهاتف النّهاب , فهي قد ساهمت بغياب هيبة الدولة .. وحين يطالب القادة السياسيين من رئيس الوزراء عدم ملاحقة أبنائهم وذويهم اللصوص من قبل لجنة أبو رغيف , ويتعّهد لهم رئيس الوزراء بعدم الملاحقة , فهؤلاء القادة قد ساهموا في غياب هيبة الدولة .. وحين يكون لبعض الأحزاب لجان اقتصادية في مؤسسات الدولة ووزاراتها تمارس سرقة المال العام والرشوة وعقد الصفقات والفساد في هذه الوزارات والمؤسسات , فهذه اللجان هي الأخرى قد ساهمت بغياب هيبة الدولة .. وعندما تتآمر الدولة على مواطنيها وتزّج بهم في السجون بتهم مفبركة غير حقيقية كما حصل لمالك شركة كي كارد بهاء عبد الحسين , فالحكومة بهذه الحالة قد قد ساهمت بفقدان هيبة الدولة .. وحين تقوم الحكومة بتعيين اللصوص في مناصب الدولة العليا بالاشتراك مع الأحزاب والكتل السياسية الفاسدة , فهي قد ساهمت بغياب هيبة الدولة .. ولهذا نقول لجميع هؤلاء المتباكين على ضياع وفقدان هيبة الدولة .. أنّ من أضاع هيبة الدولة هي أحزابكم وكتلكم السياسية وليس فقط المليشيات المسلّحة غير المرّخصة .. وكفى أن تقتلوا القتيل وتمشوا في جنازته ..