ايديولوجيا الخط الجديد للأحزاب
غيث الدباغ
شهد العراق قبل اكثر من عقد انهيار النظام السياسي بعد سقوط العاصمة بغداد سنة 2003م و فتح الباب امام تأسيس العديد من الحركات السياسية، حيث تعد هذه الحركات الأساس المتين لبناء الديموقراطية و الحرية لحماية الحقوق و الحريات العامة في البلاد فدخلت او نشأت مجاميع من الاحزاب من أجل رسم خارطة مشروع سياسي وطني مهمته تطوير العملية السياسية في العراق و اخراجه من الفوضى و النزاعات و المشاكل التي عانى منها بسبب خط عمل النظام البائد.كان الشارع العراقي مؤيدا ومساندا للعملية السياسية المتمثلة بالتنوع الحزبي ومدركا أن نـجـاح العمليـة السياسـية فـي العـراق و بنـاء نظـام سياسـي ديمقراطـي يتطلـب وجــود تعدديــة حزبيــة حقيقيــة محكومــة بضــوابط قانونيــة تضعها الدولة لتــنظّم عملهــا وتحــدد مسارها و وجودهــا في البلد ممــا يســاعد علــى خلق مناخ سياسي مســتقر و مســتمر بشكل أساسي. فعملت هذه المجاميع السياسية “المتحدة” ما بوسعها من أجل هذا الهدف السامي رغم الاختلاف في الهياكل التنظيمية والعرقية والمذهبية بمسميات متنوعة فمنها اسلامي ومنها علماني لغرض تأسيس حكم انتقالي متطور و لكن بعد مدة من الزمن بدأت تنحرف عن مسارها الاصلاحي بسبب كثرة الانشقاقات في داخل الاحزاب وتضارب مصالحها و التي صارت تعاني من خلل في قواها و سيطرتها و سيولتها المالية لصغرها و صار البعض منها لا يمتلك سوى اسم الحزب “مكتب” مقارنة بأحزاب أخرى تمتلك شعبية كبيرة و معروفة لدى الوسط العراقي و لها تاريخ طويل و خبرة ادارية قوية مما جعل بعض الاحزاب السياسية فريسة سهلة فاحتضنتها اجندات خارجية مختلفة هدفها معروف لدى الجميع هو إضعاف العملية السياسية في البلد وادخال القائمين والعاملين بهذه الحركات في دوامة كبيرة من النزاعات و الخلافات والعداءات بينهم. وبعد ما شهدت الحركة السياسية العراقية تغييرات كثيرة عبر زمن طويل فمنها من تخلى عن هدفه بإيصال البلد الى بر الأمان و تحول ولاؤه و انحيازه الى الاجندات الخارجية المساندة له و منها من بقي على خطه السابق. خسرت هذه الاحزاب تأييدها و اسنادها من قبل الشعب العراقي وصارت غير مرحب بها ومشككا في مصداقيتها بسبب سياستهم الخاطئة و اثبات الشخصيات المترئسة للأحزاب بعدم ولائها و حرصها على خيرات الوطن و ارواح و كرامة المواطنين و تردي الاوضاع و سوء الخدمات و تخليهم عن الوعود التي انطلقوا بها في برامجهم الانتخابية و تركهم لمطالب الشعب و الانشغال في صراعات السلطة و توزيع المناصب الادارية في الوزارات والدوائر على اساس المحاصصة الحزبية و ابعاد الشخصيات المستقلة عن الاماكن التي يستحقونها و وضع الشخص غير المناسب بالمكان المناسب و الكثير من المؤشرات السلبية التي سجلت على الحركة السياسية في العراق، فصار الشارع العراقي ينبذ التعددية الحزبية في النظام السياسي و يطالب بترشيح شخصيات جديدة بعيدة عن الانتماءات الحزبية لكي ينعموا بحكومة مستقلة و غير منحازة الى اي طرف من الدول الاقليمية و ان لا تتدخل الدولة في نزاعات و خصومات مع دول المنطقة و العمل من اجل مصلحة العراق فقط. نشاهد في هذه الفترة بعد كشف الاوراق و تساقط الاقنعة التي كنا منخدعين بها صار الشعب العراقي يقف ضد الحركات و المجموعات الحزبية مهما كان هيكلها التنظيمي و يطالب بحل هذه الحركات و اخراجها من العملية السياسية و يتطلع الى من له القدرة على التدخل بأن يجد السبيل لهذا الطلب الوحيد و الذي تعني تلبيته ازاحة هذه الغيمة السوداء المخيمة على سماء العراق نتيجة للأخطاء الكثيرة التي ارتكبتها الاحزاب حتى تشكلت هذه الحكومة المؤقتة لغرض حل الازمة المتفاقمة وفي هذا التشكيل المؤقت الذي من اهم اهدافه تهيئة الاجواء الملائمة لعقد انتخابات مبكرة حرة ونزيهة تحظى بتأييد الشعب فضلاً عن متطلبات اخرى عديدة ولكن لتلبية نداء المواطن العراقي يجب على متوليي الحكم ان يضعفوا من هيمنة وقوة الشخصيات الفاسدة في هيكلية الدولة و جعلهم خارج العملية السياسية القادمة، مما اضطرت الحركات السياسية الى خوض حرب باردة و هي التسقيط بالشخصيات الفردية المستقلة التي حصلت على تأييد الشعب وارتدت قناعا مزيفا وبدأت على تغيير مسارها وطريقة عملها وخطبها من اجل تضليل الرؤية الصحيحة والحصول على مقبولية في وسط الشارع العراقي.