انهيار الامبراطوريات والرغبة في خلافتها
د. سعد العبيدي
يبدو من النتائج السائدة في هذا الزمان مكتوب على العراق ألا يهدأ أو على وفق مفاهيم السياسة الدولية مطلوب ألا يهدأ، إذ ومنذ ما يزيد عن الثمانية عشر عاماً متواصلة أوقِعَ بالعراق وسط حرب إرهاب متواصلة، تتبدل في ساحاتها الأهداف، تفجيرات في الحشود البشرية مرة، ومفخخات على الطرق والى جانبها مرة ثانية، وثالثة قصف راجمات، ورابعة استهداف شخصيات، وهكذا تستمر الحرب لتأمين غاية بقاء العراق ساحة لها لا تهدأ، وكي لا تهدأ تحولت المعارك في آخر موسم صوب تفجير الأبراج الكهربائية، وتعطيل نقل الطاقة في صيف لا يرحم. إن التفجير المنظم لهذه الأبراج صفحة من صفحات الحرب، منتقاة جيداً إذ إنها غير مكلفة بالنسبة الى الجهات التي تنفذها وسهلة التنفيذ ميدانياً لصعوبة الحراسة بشرياً، والأهم إمكانية وسرعة تحقيق الغاية النفسية اثارة المجتمع بالضد من الدولة والحكومة، إذ إن القطع يثير المواطن ويخل بحالته النفسية التي هي في الأصل غير مستقرة بسبب شح الكهرباء وكثر انقطاعها.إن الانتصار في معارك الحرب بهدف ايقافها أو تقصير أمدها يتطلب من الحكومة التي تديرها تأمين الردع المناسب لإجبار الطرف المقابل على التوقف بزيادة خسارئه، ويتطلب أيضاً العمل العسكري الأمني الاستخباري المستمر للحفاظ على الأهداف المحتملة التي يضعها الخصم أهدافاً لمعاركه القائمة للحيلولة دون تحقيق غاياته، ولأن الأبراج من أحدث الأهداف، وتفجيرها الأكثر تأثيراً من النواحي النفسية (صيفاً) فيتطلب التركيز على حمايتها، لكن الحماية في ظروف العراق واجوائه وطبيعة سكانه والمعنويات العامة لن تجدي ان اقتصرت على الحماية البشرية التي ينوه عنها العسكريون في خططهم، بل والتركيز على الحماية الفنية عن طريق التصوير والطائرات المسيرة (الدرون) والاستخبارات التعبوية. وبعكسها سيطول أمد هذا النوع من المعارك وستزداد الكلفة وسنجد بين الحين والحين توجهات لإعادة النظر بخطط لم تنفع.