انقسام اليوم والأمس
نوزاد حسن
لا أظن أن أحدا كان يتوقع ان تكون النتائج التي اعلنت عنها المفوضية بهذا الشكل الملفت للنظر. فالقوى الكبيرة لم تحصل على ما كانت تتوقعه. لذا هي رفضت النتائج المعلنة، ودعت انصارها الى النزول الى الشارع. اضف الى ذلك ان هذه القوى كانت تصر على اجراء الانتخابات في موعدها الذي اجريت به. باختصار لم يكن في حسبان أحد أن النتائج ستخلق أزمة مزعجة الى هذا الحد. كان الحديث يدور قبل الانتخابات عن الكتلة الاكبر، ونوعية التحالفات، ومن اية جهة سيكون رئيس الوزراء. هذا ما كان يشغل السياسيين والمحللين المهتمين بالشأن السياسي. وفجأة تغير كل شيء، وانقلبت الارقام ضد مصلحة القوى التي كانت تعول على الحصول على مقاعد اكثر. وما حدث في السياسة يحدث في الطقس دائما، اذ ينقلب الجو الصحو الى جو ممطر. او تقفز درجة الحرارة الى درجات غير مسبوقة. هذا حال طقسنا، ويبدو ان السياسة اصبحت هي الاخرى تصيبنا بمفاجآتها غير المحسوبة. مرة اخرى انقسم الشارع. هذه المرة تظاهرات تبعها اعتصام ومهلة للمفوضية لتصحيح المسار. يطمح هؤلاء المعتصمون أن تتغير النتائج بعد تقديم الطعون للمفوضية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه متى غيرت الطعون المقدمة النتائج المعلنة. قد يكون هناك تغير لكنه لن يقلب الوضع الذي اعلنت عنه المفوضية في ما سبق. القوى الفائزة من جهتها تقر بان الانتخابات كانت جيدة. هي مطمئنة لما حصلت عليه. كما ان اعتراف الامم المتحدة بهذه الانتخابات ثم اعلان الاتحاد الاوربي ان انتخابات تشرين كانت {سليمة ومنسقة ومرتبة} اعطى جميع المقتنعين بفوزهم ورقة ضغط دولية، ستسهم في دعم ما تحقق حتى الان على ارض الواقع. ما أود قوله إن الصورة تغيرت. وان انقسام اليوم الذي نراه هو انقسام الامس حين رفع كل من كتلة سائرون، والفتح راية الكتلة الاكبر ثم اتفقا على رئيس وزراء من خارج الكتلتين. انقسام اليوم يختلف كثيرا. فالاطار التنسيقي كله يطعن بنتائج الانتخابات في حين يصر التيار الصدري على التمسك بالنتائج، وعدم التلاعب بها. هذا يعني ان الوضع اكثر تعقيدا من الانقسام الذي حدث في البرلمان عام 2018. واذا كان انقسام الامس يثبت احقية الفوز فان انقسام اليوم يشكك في اصل العملية كلها، ويرفضها بالكامل.