انفجار بيروت.. سيناريوهات عدة للأسباب أبرزها أسلحة حزب الله
أدخنة متصاعدة، وسحابة غريبة في سماء العاصمة، وواجهات لكثير من المباني دمرت، عقب انفجار هائل خلف نحو 2700 جريح وسقوط أكثر من 70 شهيدا.
هذا ملخص انفجار بيروت المدوي مساء الثلاثاء، الذي فجر معه تساؤلا بشأن ما الذي جاء بهذه الكمية الكبيرة من المتفجرات لمستودع المفرقعات بالعنبر 12 قرب صوامع القمح في مرفأ العاصمة بيروت؟
خبيران لبنانيان رجحا في أحاديث منفصلة اطلعت عليها ( الاولى نيوز ) مصادرة الدولة اللبنانية لمواد شديد التفجير من أحد البواخر، وقامت بتخزينها لأشهر عدة، دون تنفيذ قرار الاتلاف.
فيما تبنى محلل سياسي لبناني بارز سيناريو أن المتفجرات تعود إلى حزب الله الذي يسيطر على مرفأ بيروت سياسيا، وبالتالي علمت إسرائيل بتخزين هذا العدد من المتفجرات، فأقدمت على قصفها.
قوة انفجار هائلة
المحلل السياسي اللبناني محمد سعيد الرز قال في حديث اطلعت عليه ( الاولى نيوز ) إن “انفجار بيروت يوازي أضعاف الانفجار الذي أودى بحياة رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري، حيث بلغت قوته 8 أطنان من التفجيرات، مقارنة بحادث الحريري الذي بلغت قوته 2 طن فقط”.
ورسم المحلل السياسي اللبناني صورة لحالة لبنان المنكوبة، عقب الانفجار، قائلا “بحسب المرصد الأردني للزلازل فإن الانفجار يوازي زلزال قوته 5 درجات على مقياس ريختر، ووصلت قوة التفجير نفسه بحسب متخصصون في التفجيرات إلى 7000 متر ثانية، ما يعني أن هذه القوة ضربت عدد كبير من المناطق اللبنانية بمحيط يقدر بـ2 كيلو مترا، حول معه معظم مناطق بيروت إلى أماكن منكوبة”.
متفقا معه، قال الخبير اللبناني طلال العتريسي إن “هذا الانفجار يعادل التفجير النووي لأن حجم الدمار أحدث ما يشبه الهزة الأرضية، وخلف خسائر ضخمة سواء على صعيد المباني أو البشرية”.
وأوضح العتريسي، مدير معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبناني أن “لبنان يعيش ظروف دقيقة وحرجة من الناحية الأمنية والاقتصادية والسياسية، فعلى المستوى الأمني لبنان قلق من أي مواجهة مع العدوان الإسرائيلي سواء طائرات مسيرة تخترق الأجواء أو غيره.
فضلا عن أنه ينتظر قرار المحكمة الدولية بشأن اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري، ويتخذ إجراءات حظر تجوال بسبب فيروس كورونا، وأيضا هناك ضغوط داخلية وخارجية لإسقاط الحكومة”.
وتابع:” كل هذه الأجواء من القلق والضغوط والأزمات الاقتصادية حدث هذا الانفجار، وبالتالي يجب أن نسأل أنفسنا هل هذا التفجير له علاقة بأحد هذه المحاور، وحينها يمكن الحديث عن توقيت الانفجار”.
السيناريوهات المطروحة
وقال المحلل السياسي اللبناني محمد سعيد الرز إن “السؤال الأهم ما الذي أتى بهذه الكمية الكبرى من المتفجرات في عنبر 12 بمرفأ بيروت، موضحا أن هناك ثلاث سيناريوهات رئيسية، الأول علم الدولة اللبنانية علم بوجود هذه المتفجرات منذ عام 2011 وبالتالي فهي من مخلفات الحرب اللبنانية، مع وجود تحذيرات بأن هذه المواد ستنفجر في حال ارتفاع الحرارة”.أما السيناريو الثاني، فهو أن “الدولة اللبنانية صادرت عدد من براميل النفايات السامة مثل نترات الألومنيوم التي استقدمتها إحدى المليشيات إلى لبنان وصادرتها الحكومة منذ أشهر، وبلغت حوالي 11 ألف برميل يحتوي على مواد كيماوية ونووية سامة، وبالتالي نتيجة لحادث معين أو حريق معين انفجرت”.
هل حزب الله متورط؟
فيما ذهب السيناريو الثالث، والذي رجحه المحلل السياسي اللبناني الرز، أن “حزب الله خزن عدد من المواد التفجيرية داخل العنبر، معتمدا في ذلك على تأثيره الكبير على المرفأ نتيجة تحالفه مع التيار الوطني الحر، والذي يتبعه رئيس مرفأ بيروت”.وتابع الرز:” أتصور أن إسرائيل علمت بشكل أو بآخر فأقدمت على قصف متفجرات حزب الله ووقع هذا الانفجار الكبير الذي شاهدناه جميعا.. هذا الانفجار لا يمكن أن يحدث بشكل عادي كنتيجة لشرارة كهربائية أو غيرها.. المؤكد أنه حادث مدبر وبفعل بفاعل”.واستدل المحلل السياسي اللبناني بحديث بعض شهود العيان ممن شاهدوا صاروخا ينتقل من البحر باتجاه مرفأ بيروت وبالتالي فإن الطيران الحربي الإسرائيلي كان موجودا في الأجواء وعمد إلى اختراق جدار الصمت.وشدد على أن “أصابع الاتهام تشير إلى تورط حزب الله الذي قام بتخزين هذه المتفجرات من الأساس، وتسبب في تفجير البنية التحتية وإحداث هذه الحالة من الانهيار في لبنان”.
السيناريو الأقرب
المحلل والصحفي اللبناني فادي عاكوم قال لـ”العين الإخبارية” “رغم أن الوقت لايزال مبكرا لتحديد أسبابا الانفجار وتداعياته، لكن نحن أمام سيناريوهين اثنين أساسين، الأول هو وجود أسلحة لحزب الله وتفجيرها من جانب إسرائيل سواء من خلال عبوة ناسفة أو طائرة مسيرة، ويفتح جدلا حول سلاح حزب الله وضرورة تسليمه للدولة اللبنانية، وحصر قرار الحرب والسلم والتسليح بيد الجيش اللبناني وحده”.
أما السيناريو الآخر، وهو “فرضية وجود بعض المواد المتفجرة كنترات الألومنيوم، وهذا السيناريو الأقرب وفق عاكوم، حيث تم تسريب معلومات بأن المستودع كان يحوي 2700 طن لهذه المواد الخطرة المحرمة دوليا، ويبقى السؤال من يقف وراء بقاءها طيلة هذه الفترة رغم وجود قرار قضائي علني بضبطها منذ عام 2014”.
متفقا معه، ذهب المحلل اللبناني طلال العتريسي إلى أن” الانفجار سببه نوع من الإهمال والفساد، في تخزين مواد متفجرة صادرتها الدولة اللبنانية من أحد البواخر، مشددا على أن يجب البحث عن أي صفقة حدثت في ذلك التوقيت وكيف وقع هذا الانفجار هل هو بسبب الحرارة أو الرطوبة، هل هذا الانفجار متعمد للضغط على الحكومة اللبنانية وتحميلها مسؤولة الأزمة الاجتماعية والاقتصادية، في ظل ظروف حرجة فعليا تمر بها لبنان”.
واستبعد العتريسي وقوع عمل تخريبي، قائلا: “هذا الأمر يبدو لي له علاقة بالسياسية وهذا أمر شائع في لبنان، معتبرا أن الحادث ربما يشكل فرصة للحكومة اللبنانية في فتح ملف الفساد وملاحقة المتورطين”.
وطالب كل من “عاكوم” و”العتريسي” بمحاكمات علنية للمتورطين، فمن جهته قال عاكوم “ضروري محاكمة أسماء المتورطين ممن قاموا باستيراد هذه المواد والاحتفاظ بها طيلة هذه الأشهر مع شكوك أن هناك تورط لجهات سياسية، خاصة أن الانفجار يحتاج إلى حريق كبير بدرجة حرارة مرتفعة أو تفجير لتنشيط هذه المواد”.
أما العتريشي فقد رأى أن “الحادث المنكوب يتطلب تحقيقا جادا تجريه الحكومة اللبنانية بإشراف دولي وعربي حتى تكون النتائج ذات شفافية وعدم تستر على أحد”.
وضرب لبنان، الثلاثاء، انفجار ضخم أسفر عن أضرار مادية فادحة فضلا عن أكثر من 70 قتيلا، ونحو 2700 مصاب، بحسب وزير الصحة اللبناني حمد حسن.
وكان حريق كبير شب في مستودع للمفرقعات تلاه انفجار هائل، وسط حالة من الهلع بين السكان، وسمع دوي انفجارات قوية في المكان، ترددت أصداؤها في العاصمة والضواحي.
الاولى نيوز – متابعة