انخفاض نسبة الجريمة خلال حظر التجول.. وتباين في أنواعها من مكان لآخر
بغداد / مروان الفتلاوي
يبدو أن حظر التجول الذي فرضته خلية الأزمة لمواجهة جائحة كورونا، قد فرض حظراً آخر على الجريمة، فعلى مدار الأسابيع الماضية بدت محاكم التحقيق ومراكز الشرطة -وهي دوائر ناشطة خلال فترة الحظر- أكثر هدوءاً، إلا أنها لم تعدم تسجيل جرائم تباينت في أنواعها من مكان إلى آخر.
فما هي الجرائم التي راجت خلال فترة الحجر المنزلي؟
يقول القاضي الأول لمكاتب التحقيق القضائي في الحلة ماهر رزاق إن “نسبة الجرائم انخفضت إلى حد كبير، لا سيما الحوادث المرورية التي كانت تشكل النسبة الأبرز، والحال نفسه ينطبق على السرقات والقتول والجرائم الأخرى”.
ويعزو رزاق أسباب الانخفاض إلى أن “الشارع أصبح مكشوفا أثناء الحظر وأغلب المناطق تحت مرأى القوات الأمنية المنتشرة، ما يصعب على المجرمين تنفيذ عملياتهم”.
بيد أن قاضي التحقيق لا يعدم وجود جرائم ومخالفات راجت خلال هذه المدة، وفي طليعتها الجرائم الاقتصادية ومخالفات كسر حظر التجوال الصحي المفروض للحد من تفشي فيروس كورونا.
وذكر القاضي أن “الجرائم الاقتصادية تمثلت في رفع أسعار المواد الغذائية والخضراوات أو احتكارها وكان ذلك في بداية فرض حظر التجوال إلا أن الإجراءات القضائية في بابل بالتعاون مع جهاز الأمن الوطني ساهمت في ردع هؤلاء التجار ممن استغلوا الأوضاع لرفع الأسعار”.
وتحدث قاضي التحقيق عن “انعدام او انخفاض حدوث جرائم كالسرقات والقتول والمخدرات اذ قيض الحجر الصحي وغلق المطارات والحدود البرية من رواج الاتجار بالمخدرات وانتقالها كما صعب على اللصوص تنفيذ عملياتهم”.
غير أنه من جهة أخرى يلفت إلى “صعوبة فرض حظر التجول داخل الأحياء الشعبية بسبب أماكن أعمالهم وخروجهم لتبضع الاحتياجات الضرورية”، لافتا إلى “ضعف الرقابة الأمنية في المناطق الشعبية ما يؤدي إلى خروقات مستمرة تصعب معها إمكانية تطبيق حظر صحي شامل”.
انخفاض غير معهود
وفي الرصافة، الثقل السكاني للعاصمة، بدت دار القضاء في مدينة الصدر هادئة أيضا بعد أن كانت تعج بالدعاوى والمراجعين.
وخلال حديث لـ”القضاء” مع قاضي التحقيق هناك محمد حبيب الموسوي يتحدث عن “تناقص ملحوظ في الجرائم، ففي ما يخص السرقات والمشاجرات والقتول ذكر أنها بالكاد موجودة على الرغم من وجودها الكبير قبل جائحة كورونا، حتى المخدرات فقد سجلت جرائم تعاط هنا وهناك كشفتها مفارز التعفير التابعة للقوات الأمنية”.
وعن الجريمة الاقتصادية نفى قاضي التحقيق “وجود ارتفاع في الاسعار واحتكار المواد الغذائية والخضراوات من قبل التجار، وإن حدثت فبنسبة قليلة عولجت بسرعة وإجراءات مشددة”، إلا أنه تحدث عن قضية واجهتهم تتعلق بـ”رفع أسعار المولدات الأهلية خلاف التسعيرة التي فرضتها المجالس البلدية”.
أما بالنسبة لجرائم العنف الأسري أفاد الموسوي بـ”عدم تسجيل المحكمة مثل هذه الحالات على الرغم من أنها كانت موجودة بكثرة قبل أيام الحظر”.
لكن الموصل بدت على عكس ما سجلته بقية المحافظات وإن اتفقت معها على انخفاض نسبة الجريمة.
عنف اسري
ويقول عامر الربيعي قاضي محكمة تحقيق الموصل / الجانب الأيسر إن “ما يزيد على 85 زوجة تقدمت بشكوى إلى قضاة التحقيق عن العنف الأسري خلال هذه الفترة”، وهو ما يعزز زيادة نسبة جرائم العنف الأسري التي انتشرت على صعيد عالمي خلال فترة الحجر المنزلي.
وكان للموصل أيضا رأي آخر في ما يخص السرقات، فبحسب الربيعي أن “الحاجة والجوع وانقطاع الأرزاق عن الكثيرين خلال فترة الحظر دفعت الكثيرين إلى ارتكاب جرائم السرقة وإن كانت هذه ليست مبررات للجريمة فبعض ممن برروا بهذه الأسباب سرقاتهم أمام القضاة كانوا من أرباب السوابق، إلا أنه لا يمكن إنكار تأثير حظر التجول اقتصاديا على فئات من المجتمع”.
وذكر القاضي أن “اللصوص يستهدفون الأموال والمصوغات الذهبية والأجهزة في الدور”. وعن كيفية ارتكاب الجرائم خلال خلو الشوارع وجلوس الناس في البيوت، يلفت إلى أن “المجرمين غالبا ما يسبقون الآخرين بخطوة فهم يتحينون الفرص لخلو البيوت وتغافل اصحابها لتنفيذ جرائم السرقة”.