أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو”، الإثنين، تفاصيل مشروع إعادة إعمار مجمع مسجد النوري التاريخي في مدينة الموصل بمحافظة نينوى.وفاز بتصميم المسجد، فريق مصري من جامعة الإسكندرية برئاسة صلاح هريدى أستاذ العمارة بكلية الفنون الجميلة، على رأس ثمانية مهندسين معماريين مصريين لفوزهم بالمسابقة الدولية لإعادة بناء المجمع، وهو أحد العناصر الرئيسية في مشروع اليونسكو الطموح “إحياء روح الموصل” الرامي إلى إعادة تأهيل المدينة القديمة.
وذكرت المنظمة، على حسابها الرسمى، أنه “اختير المشروع الرابح الذي يُدعى “حوار الأروقة” من بين 123 تصميماً، وقدمه فريق مؤلف من أربعة شركاء ويترأس هذا الفريق صلاح الدين سمير هريدي، ويشارك فيه كل من خالد فريد الديب وشريف فرج إبراهيم وطارق على محمد، ومن أربعة مصممين معماريين وهم نهى منصور ريان وهاجر عبدالغني جاد ومحمود سعد جمال ويسرا محمد البحة”.وقال مدير عام منظمة اليونسكو، أودري أزولاي، إنَّ “إعادة إعمار مجمع جامع النوري، وهو أحد المعالم التاريخيّة المُتأصّلة في نسيج مدينة الموصل وتاريخها، ستترك بصمة بارزة ضمن الجهود المبذولة للدفع بعجلة تحقيق المصالحة والتلاحم الاجتماعي في المدينة التي مزقت الحرب أوصالها تُحفّز مواقع التراث والمعالم التاريخية شعور الناس بالانتماء وبالمجتمع وبالهوية.
وتضطلع بدور أساسي في إحياء روح الموصل خصوصاً والعراق عموماً”.وأوضحت المنظمة، أن “الفائزين بالجائزة هم من المعماريين المخضرمين ولديهم سجل حافل بالأعمال في مجال إعادة تأهيل التراث والتخطيط الحضري والعمارة الملائمة للمناخ، ويعدون تصميماً أكثر تفصيلاً لمشروع إعادة بناء مجمع جامع النوري، المزمع استهلاله في أواخر خريف عام 2021”.
وذكرت المنظمة تفاصيل المشروع، حيث يشمل إعادة بناء قاعة الصلاة التاريخية في جامع النوري، وتحقيق الانسجام بين أركان المجمع، وهو أكبر مكان عام في مدينة الموصل القديمة، ومحيطه الحضري، وذلك من خلال استحداث أماكن عامة مفتوحة ذات خمسة مداخل تربطها بالشوارع المحيطة بها، وسيتم خلال المشروع استرجاع قاعة الصلاة للهيئة التي كانت عليها قبل تدمير جامع النوري في عام 2017، ولكن مع إدخال تحسينات ملحوظة عليها، على صعيد استغلال الإضاءة الطبيعية وإيجاد أماكن واسعة مخصصة للنساء ولكبار الشخصيات، بحيث تتصل بالقاعة الرئيسية من خلال مساحة مفتوحة نصف مغطاة، يمكن استخدامها كمكان مفتوح للصلاة، كما يتوخّى المشروع الفائز أيضاً إنشاء حدائق مسوَّرة تحاكي البيوت والحدائق التاريخية التي كانت قائمة حول قاعة الصلاة قبل تعديل تصميمها في عام 1944.
وأصدر الفريق الفائز من جامعة الإسكندرية بالمشروع، بياناً عقب فوزه في المسابقة، رحب فيه بنتائجها، وجاء فيه: “عمل فريقنا بشغف كبير من أجل تقديم مشروع يحقق في المقام الأول غاية التلاحم الاجتماعي وإحياء روح الموقع بشتّى تفاصيلها، ونتطلع بشوق إلى استكمال التصميم والمساعدة على إحياء روح مدينة الموصل القديمة”.
وعن جوائز المشروع أوضحت المنظمة: “يحصل التصميم الفائز على جائزة قدرها 50 ألف دولار أمريكي، وكذلك على العقد الذي يقضي بإعداد التصميم المفصَّل للمجمع، ويحصل المرشّحون الذين حلّوا في المراتب التالية على جوائز نقدية تقديراً لأعمالهم، إذ تقدم جائزة قدرها 30 ألف دولار أمريكي إلى فريق من الهند، وجائزة بقيمة 20 ألف دولار أمريكي إلى تصميم من إسبانيا، وجائزة بقيمة 15 ألف دولار أمريكي إلى فريق من الولايات المتحدة الأمريكية، وجائزة بقيمة 10 آلاف دولار أمريكي إلى فريق من المهندسين المعماريّين من كل من الإمارات العربية المتحدة وفرنسا وتركيا ولبنان”.
وكانت اليونسكو قد استهلَّت المسابقة الدولية لإعادة بناء وإعادة تأهيل مجمع جامع النوري في الموصل، في شهر نوفمبر 2020، وأُعدّت المسابقة بتنسيق وثيق مع وزارة الثقافة العراقية وديوان الوقف السني العراقي، وبدعم من الإمارات العربية المتحدة، وهم جميعاً أعضاء في اللجنة التوجيهية المشتركة للمشروع، وتجدر الإشارة إلى أنّ إعادة بناء مجمع جامع النوري جزء متأصل من مبادرة اليونسكو الرائدة «إحياء روح الموصل» التي انطلقت شرارتها الأولى في عام 2018 بغية إعادة تأهيل النسيج التاريخي لمدينة الموصل القديمة، وإنعاش الحياة الثقافية فيها، وتعزيز نظامها التعليمي لضمان تنعّم الجميع بتعليم جيّد.
كانت اللجنة التوجيهية المشتركة للمشروع المسابقة المعمارية الدولية لمجمع جامع النوري قد اشترطت على المشاركين الحفاظ على أجزاء من قاعة الصلاة التي نجت من الدمار الذي لحق بالجامع في عام 2017، ودمجها مع المباني الجديدة، وكذلك دعت اللجنة إلى إعادة تأهيل الصروح التاريخية كجزء من الموقع الذي يكتسي حلّة جديدة بفضل التصميم الجديد، وإنّ المشروع إذ يهدف إلى إنشاء مساحات جديدة مخصصة للمجتمع المحلي، لاستخدامها في إطار التعليم والأنشطة الاجتماعية والثقافية، إنّما يخدم سكان الموصل بطرق تتجاوز وظيفته الدينية الرئيسية
