اليوبيل الأسود لانقلاب حمد بن خليفة.. فضائح ومؤامرات جديدة تتكشف
في مثل هذا اليوم قبل 25 عاما، وتحديدا يوم 27 يونيو/حزيران عام 1995، كانت منطقة الخليج والمنطقة العربية على موعد مع أحد أسوأ الأحداث في تاريخ المنطقة الحديث
في مثل هذا اليوم، نفذ حمد بن خليفة، أمير قطر السابق، والمتحكم في سياستها حتى اليوم، انقلابا على أبيه بينما كان الأخير خارج البلاد.
تطل ذكرى اليوبيل الأسود لانقلاب حمد بن خليفة، هذه الأيام، بينما بلاده تعيش أسوأ مرحلة في تاريخها، بسبب سياساته الكارثية، التي يدفع الشعب ثمنها حتى اليوم.
تأتي ذكرى اليوبيل الأسود والبلاد تعيش عزلة إقليمية ودولية، والأوضاع الاقتصادية تسير من سيئ إلى أسوأ.
تحل ذكرى اليوبيل الأسود والفضائح المعروفة إعلاميا بـ”تسريبات خيمة القذافي” التي تكشف مؤامرات وجرائم حمد بن خليفة ضد المنطقة ودول الخليج تلاحقه داخليا وخارجيا مع كشف المزيد منها خلال الأيام الماضية.
تأتي ذكرى اليوبيل الأسود، بينما تلاحق المحاكم حول العالم نظام “الحمدين” لارتكابه جرائم جنائية وانتهاكات حقوقية وتورطهم في دعم الإرهاب.
تطل ذكرى اليوبيل الأسود وقد فقدت الدوحة سيادتها واستقلالية قرارها لصالح النظامين التركي والإيراني اللذين باتا يتحكمان في شؤونها.
اليوبيل الأسود.. فضائح بالجملة
فضائح سياسية وحقوقية وجنائية بالجملة تحاصر نظام “الحمدين” في ذكرى مرور 25 عاما على انقلاب حمد بن خليفة أبرزها الفضائح المعروفة إعلاميا بـ”تسريبات خيمة القذافي”، التي نشرها المعارض القطري خالد الهيل، على مدار شهر يونيو / حزيران وتكشف عنصرية النظام الحاكم في قطر، وسيطرة جماعة الإخوان الإرهابية على قناة “الجزيرة”، ومحاولات حمد بن خليفة للتآمر على السعودية.
أحد التسريبات يدور حول حوار بين أمير قطر السابق حمد بن خليفة ورئيس وزرائه آنذاك حمد بن جاسم، المعروفين بـ”الحمدين”، اللذين يديران شؤون قطر حتى اليوم من جانب والرئيس الليبي الراحل معمر القذافي من جانب آخر.
وفي أحدهما، قال القذافي إن “الجزيرة” متوقفة خلال تلك الفترة عن الهجوم على السعودية، ويرد عليه بن جاسم متفقا معه، قائلا “أمهلونا شوية”.
ويكشف تسريب ثاني وجود اتفاق بين “الحمدين” والقذافي على طبيعة تغطية قناة الجزيرة للشأن الليبي، بل وقيام الجانبين بتخصيص منسقين في الدولتين لهذا الأمر.
ويظهر تسجيل مسرب ثالث نشر، مساء الأحد الماضي، حوار دار بين حمد بن جاسم آل ثاني، والقذافي، يعترف فيه حمد بسيطرة عناصر الإخوان بشكل كامل على قناة الجزيرة.
وأكد التسجيل أن القناة تعد بمثابة ناطق باسم التنظيم الإرهابي، وهو ما يفسر الدفاع المستميت لها عن الإخوان وعملياتهم والسعي لترويج أفكار جماعة الشر الإخوانية بشكل خبيث.
أحد التسجيلات أيضا أظهر عنصرية حمد بن خليفة، بعد وصفه للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بأنه “عبد”.
ما كشفته التسريبات بشأن سيطرة تنظيم الإخوان الإرهابي على قناة الجزيرة وتوظيف الإعلام الممول من قطر لتنفيذ أجندة نظام “الحمدين” أكد المضمون نفسه تقرير أمريكي رسمي نشر، الأربعاء.
واتهمت الخارجية الأمريكية قطر بتأجيج العنف والطائفية عبر إعلامها المرئي والمسموع، مؤكدةً أن الدوحة تقاعست عن القيام بواجبها للحد من الخطاب العنيف والعدائي.
وقالت الخارجية الأمريكية، في تقرير لها حول الإرهاب، إنه تم رصد محتوى إعلامي قطري يحض على التفرقة والطائفية والعنف والعدوانية.
وأكد التقرير أن الدوحة لم تبذل الجهد الكافي للقضاء على العنف والتفرقة الطائفية؛ سواء في وسائل الإعلام القطرية أو الممولة من تنظيم الحمدين.
لم يتوقف الأمر عند جرائم العنصرية وتوظيف الإعلام لنشر العنف، فقد تعدى الأمر إلى جرائم جنائية ارتكبها عناصر تنظيم “الحمدين” وأبرزتها صحيفة صحيفة “ديلي ميل” البريطانية في تقرير تشرته قبل أيام.
وكشفت دعوى قضائية أمريكية أن شقيق أمير قطر، خالد بن حمد آل ثاني، وجه طاقم العاملين لديه بقتل أمريكيين على أراضي الولايات المتحدة في قضية جديدة تكشف تاريخ العنف والتهديدات لنظام الحمدين.
وحصلت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية على نسخة حصرية من الدعوى المدنية الفيدرالية المرفوعة في ولاية ماساتشوستس.
وأوضحت الصحيفة أن ستة أمريكيين كانوا يعملون في السابق لصالح شقيق أمير قطر رفعوا الدعوى ضده، متهمين إياه بالإقدام على أفعال مشينة، وتوجيهه أوامر لاثنين من العاملين لديه بقتل أناس، والتهديد بقتل الموظفين.
عزلة إقليمية ودولية
كما تصادف ذكرى مرور 25 عاما على انقلاب حمد بن خليفة، دخول المقاطعة العربية لقطر عامها الرابع، في وقت تعيش فيها الدوحة عزلة إقليمية ودولية.
ومنذ إعلان الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات والبحرين ومصر)، في 5 يونيو/حزيران 2017، قطع العلاقات الدبلوماسية وخطوط النقل مع قطر بسبب إصرارها على دعم التنظيمات الإرهابية في المنطقة والعالم، وتنظيم الحمدين يعيش في عزلة عربية وخليجية ودولية.
وتمثلت أبرز تجليات تلك العزلة في غياب أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني عن 6 قمم استضافتها السعودية على مدار أعوام المقاطعة ، كانت بمثابة 6 فرص لحل الأزمة.
ولا يكاد يمر يوم منذ إعلان الرباعي العربي مقاطعة قطر، إلا وتتصاعد الأصوات حول العالم للمطالبة بعقاب قطر على دعمها للإرهاب، بعد الكشف عن تسريب أو وثيقة أو إحباط مؤامرة للدوحة.
وقبل أيام، كشف الرئيس السابق للأمن الوطني الأفغاني، رحمة الله نبيل، علاقة قطر بشبكات التنظيمات الإرهابية المرتبطة بحركة طالبان، وأبرزها شبكة “حقاني” وتنظيم “القاعدة”، وذلك بعد أيام من تأكيد الجيش الليبي أن لديه تسجيلات تؤكد دعم قطر للتنظيمات الإرهابية بالمال والأسلحة.
جاء هذا بالتزامن مع تصاعد الغضب في إيطاليا بعد ثبوت تورط قطر في دعم حركة “الشباب” الصومالية الإرهابية التي خطفت الرهينة الإيطالية، سيلفيا رومانو، وتم تحريرها بفدية قطرية.
كما شهد مطلع العام الجاري، رفع أول دعوى قضائية بالمحكمة الفيدرالية بفلوريدا تتهم فيها مؤسسة قطرية بدعم الإرهاب خلال عام 2020.
صدمات اقتصادية
على الصعيد الاقتصادي، تحل ذكرى اليوبيل الأسود للانقلاب، وقد أظهرت بيانات رسمية قطرية صادرة عن مؤسسات دولية، مؤشرات سلبية للاقتصاد المحلي المتأثر بضربتي المقاطعة العربية للدوحة التي دخلت عامها الرابع، إلى جانب فشلها في إدارة أزمة تفشي جائحة كورونا.
وانهارت صناعة العقارات في قطر خلال أبريل/ نيسان الماضي، مدفوعة بثنائية ضغوط شح السيولة المالية، وتراجع أهمية البلاد كبيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية والمحلية، والتبعات الاقتصادية السلبية لتفشي جائحة كورونا (كوفيد-19).
وجاء في بيانات حديثة صادرة عن جهاز قطر للإحصاء،اطلعت عليه (الاولى نيوز) ، الأحد الماضي، أن تراجعا بنسبة 40% في عدد العقارات المباعة في السوق القطرية خلال أبريل/نيسان الماضي، مقارنة مع الفترة المقابلة من 2019.
كذلك، تراجعت بورصة قطر في تعاملات الأسبوع الماضي المنتهي، الخميس، وسط شح في تذبذب السيولة المالية وتراجع رغبة المستثمرين ضخ سيولة في سوق الأسهم، بينما فقدت القيمة السوقية مليارات خلال جلسات الأسبوع الخمس.
وعلى صعيد الاقتراض، بدأ بنك قطر الوطني، الإثنين، التسويق لسندات مقومة باليوان الصيني، لأجل 5 سنوات، عند سعر استرشادي نهائي 3.85%.
ويظهر إقدام البنك التوجه مجددا لأسواق الدين، حجم الضغط النقدي الواقع عليه نتيجة شح السيولة المالية.
سجل أسود
كل تلك الفضائح والجرائم التي يدفع الشعب القطري ثمنها هي نتاج لسياسات حمد بن خليفة، منذ انقلابه على أبيه قبل 25 عاما، وتواصل تدخلها في سياسات قطر حتى اليوم.
لم يكن أمير قطر الأسبق خليفة آل ثاني يدرك أن ابنه وولي عهده حمد، الذي جاء مودعا إياه في مطار الدوحة، كان قد أعد عدته لطعنه في ظهره والانقلاب عليه.
غادر الشيخ خليفة الدوحة متوجها إلى سويسرا في 27 يونيو/حزيران 1995، لقضاء عطلته، ليشرع ابنه حمد في مخططه فوراً، فأمر القوات بالسيطرة على القصر الأميري والمطار.
بعدها، اتصل حمد بوالده ليخبره بأن الأمور انتهت، فأغلق والده الخط في وجهه.
لم يكتف “حمد” بإزاحة والده عن الحكم؛ بل قام بمطاردته عبر الإنتربول الدولي، مطالبا بالقبض عليه بجرائم مختلقة ومزورة، في صورة من أكبر صور العقوق والافتراء.
وبعد أقل من عام على انقلابه على والده، أسس حمد بن خليفة قناة الجزيرة وفتح أبوابها على مصراعيها لنشر الفتنة في المنطقة والترويج لمخططاته، واستهدف على وجه الخصوص السعودية، بشكل كشف أحقاد يكنها الرجل للمملكة، والتي سرعان ما تكشفت عبر مشاركته في مؤامرة ضد الرياض عام 2003، تم توثيقها عبر تسجيلات بصوته.
وفي سابقة في تاريخ العلاقات الخليجية، قدمت قطر في عهد حمد بن خليفة وثائق مزورة في قضية نزاع الحدود مع البحرين أمام محكمة العدل الدولية، بيد أن المحكمة أصدرت حكمها التاريخي الذي نص صراحة على تبني موقف المنامة.
وفي أعقاب ما عرف بثورات الربيع العربي، استغل بعض المتآمرين من المعارضة البحرينية الأحداث بزعامة علي سلمان بالتعاون مع قطر وإيران؛ لإطلاق احتجاجات وشغب في فبراير/شباط 2011.
وتم الكشف عن اتصال هاتفي جرى بين رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الأسبق حمد بن جاسم وعلي سلمان فضح التآمر القطري لقلب نظام الحكم في البحرين.
لم يكتف “الحمدين” بهذا فحسب؛ بل استغل أحداث الربيع العربي، لينفذ مخطط تفكيك الأمة، فتحالف مع تنظيم الإخوان الإرهابي في مصر وعدد من الدول، وقدمت الدوحة شيكا على بياض لهم.
ولقطر تاريخ مخزٍ أيضا مع دعم حزب الله الإرهابي، ولعل المحطة الأبرز التي جعلت المليشيا تستقوى على سائر الفرقاء اللبنانيين كانت بعد الزيارة التي قام بها أمير قطر السابق حمد بن خليفة لجنوب لبنان، عام 2010، حيث تجول في قرى أسهمت الدوحة في إعمارها بعد الحرب مع إسرائيل في عام 2006.
كما أسهمت سياسات حمد بن خليفة في تكريس الانقسام الفلسطيني، فعندما أعلنت حماس انقلابها على السلطة الفلسطينية عام 2007، وبسط سيطرتها على قطاع غزة والانفصال عن الضفة الغربية، أيدت الدوحة الخطوة ودعمتها ماليا ولا تزال.
وفي أكتوبر/تشرين الثاني عام 2012، زار أمير قطر السابق قطاع غزة، واستقبلته حماس استقبال الفاتحين رغم معارضة الرئيس الفلسطيني لأي تعامل مباشر مع حماس، وحينها قدم دعماً مالياً للحركة الإرهابية قيمته 450 مليون دولار تحت ستار مشروعات إعادة إعمار غزة.
وفيما أسهمت سياساته في تكريس الانقسام الفلسطيني، سارع أمير قطر السابق إلى إقامة علاقات مع إسرائيل، بعد عام واحد من توليه الحكم، حيث تم افتتاح المكتب التجاري في الدوحة من قبل رئيس الحكومة الإسرائيلي آنذاك شمعون بيريز عام 1996، ما يشير إلى أنه “أكثر من مكتب”، إذ إن رئيسه كان يحوز رتبة سفير في الخارجية الإسرائيلية.
كما تم التوقيع آنذاك على اتفاقية لبيع الغاز القطري إلى إسرائيل، وإنشاء بورصة الغاز القطرية في تل أبيب.
على صعيد سياساته الداخلية، كان حمد بن خليفة دائم الكذب وإطلاق الوعود الزائفة للقطريين، فبعد نحو 9 سنوات من انقلابه على أبيه، صدر الدستور الدائم لدولة قطر في أبريل/نيسان 2004، ونص على إجراء انتخابات برلمانية وإعداد قانون لهذا الغرض.
وفيما كان ينتظر القطريون تطبيق الدستور، وعد حمد بن جاسم النائب الأول لرئيس الوزراء القطري وزير الخارجية آنذاك في يونيو/حزيران 2005 بأن الانتخابات البرلمانية لاختيار مجلس الشورى ستجرى “عام 2006 أو 2007 كحد أقصى”.
ومضت 2006 و2007 دون أي انتخابات، وفي فبراير/شباط 2011، قال “بن جاسم” إن الدوحة تعمل على تنظيم انتخابات مجلس شورى “في المستقبل القريب”.
ثم في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، كان حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر السابق أكثر تحديدا من رئيس وزرائه في الوعد الجديد؛ فأعلن في افتتاح الدورة الجديدة لمجلس الشورى أن الانتخابات البرلمانية ستجري في النصف الثاني من عام 2013، وتولى ابنه تميم الحكم في 25 يونيو/حزيران من العام نفسه، ولم تجر أي انتخابات.
وبعد 4 سنوات، وتحديدا في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، أعلن “تميم بن حمد” من نفس موقع أبيه من على منصة مجلس الشورى إجراء انتخابات برلمانية، دون أن تجرى حتى اليوم.
ورغم تنازل “حمد” عن الحكم لابنه تميم في 25 يونيو/حزيران 2013، إلا إن تدخلاته في سياسات قطر وتحكمه فيها حتى اليوم تعد أحد أبرز أسباب الضياع وفقدان البوصلة التي تعانيه الدوحة، والتي يدفع ثمنها القطريون حتى اليوم.
الأولى نيوز – متابعة