الوزير المُضحي.. والوزير بالتبني
د. فاتح عبدالسلام
لماذا لا تنتج حكوماتنا وزيراً أو نائباً أو سياسياً يضحي بحياته من اجل انقاذ مواطن يراه في مأزق. هذه التضحية وجدناها في وزير الشؤون الطارئة الروسي الذي قفز من اعلى منحدر نحو المحيط حين رأى مصوراً ينزلق به المكان ويهوي الى القاع . لم يفكر الوزير بمنصبه وامتيازاته، وقبل ذلك لم يفكر بحياته ذاتها، حين اتخذ قرار المحاولة الفورية لإنقاذ مواطن في لحظة موت محقق. الوزير في واقع حكوماتنا، هو الذي لا يعرف شيئا سوى الممر الآمن من سيارته الفارهة الى مصعد الوزارة ثم الى مكتبه ، ويكون وزيراً مثالياً حين لا يحرج نفسه ويتجول في طوابق مبنى الوزارة التي تكون عائدية كل طابق لحزب او مجموعة متكلسة لها سند هنا وهناك، والوزير يعرف انه نتاج مصالح وتوافقات وافرازات غير صحية اوصلته للمنصب، لذلك يعرف حدوده ويتغاضى ليعيش فترته الوزارية منتشياً بأنّه مسؤول في حين انّ اغلب الوزراء وراءهم مجموعة من الأشخاص التي تديرهم وتتصرف بعقود وزارتهم وتحصى عليهم انفاسهم وخطواتهم، اذا كانت خارج مستنقع الفساد والتردي والخيسة التي جعلت العراق في اعلى درجات الدول الفاسدة على الكوكب منذ فجر التاريخ . الوزير في حكوماتنا صناعة المتورطين في فساد العملية السياسية والمصرّين على انّ خطاياها مغفرة وآثامها رحمة وجرائمها درجة من درجات العفّة والطهر. أمام هذا الواقع البائس، الذي يكذبون فيه علينا كل اربع سنوات، بقولهم انهم جادون في السعي لتغييره، تجيء الانتخابات العراقية بعد أسابيع قليلة، فيما ارض العراق لاتزال مخضبة بدماء ستمائة شهيد من انتفاضة تشرين، كانوا شعلة التضحية في سبيل حرية شعبهم وكرامته ، ويا ويل مَن يستهين بتلك الدماء ، ويتوهم انَّ ما جرى تمّ نسيانه بالتقادم الزمني، وانَّ العودة للخوض في مياه العهر السياسي سالكة ومتاحة لمَن كان مُدمناً على المستنقعات النتنة .