النار تحت الرماد
ابتهال العربي
المفاهيم والمبادئ والمشاعر تدور .. لكن خبث ابليس وحب النفس والشهوات والمال ، وسلطة المنفعة الخاصة على المجتمع ، وفساد السياسيين والتجارة بالجنس والنساء ، والإنحلال والسرقة بسبب الفقر .. قضايا ثابتة لاتدور ولاتتغير باللقلقة فيها على شاشات التلفاز أو بالندوات لمناقشتها كأي قضية قابلة للتغيير أو التأثير فالكلام له قيمة تخرج من العقل الواعي إلى عقل قابل للتوعية خلاف ذلك فأن الفكرة الواعية لايتقبلها العقل الصغير أو الجامد اوالمتعصب اوالمادي اوالفاسد .
الناس صنفان الأول يتكلم بهدف الفضفضة والتغيير في المجتمع و الثاني ينتقد الرماد وينسى النار وهذا القسم يمثّل أكثر نسبة من الناس فالغالبية يحكمون دون أن يعرفون الحقيقة والأسباب التي تدفع القاتل أن يقتل والسارق ليسرق ، وينتقدون دون أن يعيشون أو يجرّبون ظرف أو أحاسيس من ينتقدوه ، فنحن نقول عادة الشوارع مليئة بأطفال الشوارع الذين ينظّفون زجاج السيارات ويبيعون المناديل وآخرون يتسَوّلون .. لكننا لانقول أن الفقر والحرمان والفق والآباء غير المسؤولين دفعوهم إلى الشارع وألقوا بهم في جحيم الحياة ، مثلما نهاجم المرأة ونشتمها لأنها تتاجر بنفسها ونقول عنها أبشع الألفاظ ونصفها بأحقر الكلام ونغفل عن سبب إتجاهها إلى النوادي الليلية ولجوء بعضهن إلى بيع أجسادهن بسبب الضعف والضياع والفقر .هذان النموذجان هما أساس هذه المقالة فالتسول والدعارة قضيتان ثابتة لايمكن السيطرة عليها مثلما لايمكن الفوز على الشيطان لأن الشياطين غالبيتها تتحرك في أجساد البشر وأكد الله ذلك في كتابه الكريم قائلاً :
( شياطين الإنس والجن يوحِى بعضهم إلى بعضٍ زخرفَ القولِ غروراً ) ، لذلك فإن للبشر طبيعتان الأولى تنتهك والآخرى تنتقد والجزء القليل بينهما يفهم ويؤثر ويغير .هل نستطيع تحريك السيارة بلا دهن ؟ هل تعتقدون أن البشر ليسوا ماكنة بشرية تحتاج إلى البنزين و الدهن كي تعيش وتتعايش مع الظروف المحيطة بها دون أن تعطل ؟ من البشر من يتوحش حينما يعيش في البرية بين الأدغال والحيوانات حتى
يصبح حيواناً آدمياً مثل طرزان ومن الممكن أن يصبح الوحش حسّاساً ومرهفاً أكثر رحمة ورِقّة من البشر مثل الغوريلا كينك كونك ، كذلك السجين يصبح قارئ جيد ورجل صالح أثناء حبسه مثلما يصنع السجن من البريء والمظلوم مجرماً ، إن الإنقلابات السياسية والدينية والعاطفية تبدأ وتحدث بفكرة كالرماد يأتي من إشعال النار .ليس جديداً أن تُنتهك الطفولة خصوصاً في بلد لاتُشرّع فيه الحكومات قوانين مجتمعية وأسرية تحمي من القتل والإنتهاك والتحرش والضرب ، بخلاف العلاقات والمجاملات والمحسوبيات والتزكيات هي الأكثر شرعية ، لكن السؤال المهم:
هل للقانون أن يحمي الناس من سماسرة وتجّار الدعارة خصوصاً أصحاب العلاقات ؟ ولو كان القانون ضعيفاً غير قادر على إلا على الضعيف لماذا نتهجم على طفل يرتاد الكوفي شوب مع شباب أكبر من سنّه ويتعاطى هناك الدخان والحشيشة ، ولماذا نعيد ونزيد في إنتقاد فتاة صغيرة تعمل في الملهى الليلي التي ربما تكون ضحية أسرة فاسدة أو متعصبة حولتها إلى مومس حقيقة وتافهة .صلابة الحكومة تستطيع حماية بعض القاصرات ممن تصل أعمارهن إلى ١٤ أو ١٥ عاماً ويعملن في الملاهي .. منهن من تنتحر أو تدمن على المخدرات أو الدعارة وحماية بعض صغار العمر من الدخول إلى تلك الأماكن .. اليوم نتحدث عن خطورة حياة الأطفال وبراءتهم وقتل الطفولة في العراق كنتيجة .. ويجدر بنا أن نتحدث عن الأسباب السياسية والمجتمعية التي أدت إلى دخول طفل سمين “يرقص مثل النساء ويهز بجسمه” بجانب راقصة مثل أمه ” ويكيّت عليها فلوس ” !!
من سمح له بالدخول ؟ وكيف تحوّل الطفل إلى شخصية فاسدة بهذا الشكل وفي هذا العمر ؟ خصوصاً أنه ليس وحيداً أو مشرداً ومن أين جاء بهذا المال ؟ تساؤلات كثيرة تضعنا في أقصى مراحل الفساد الأخلاقي الواجب مواجهته بالسيطرة على تنشئة الأطفال وتشربع قوانين حقيقية .