الموطن العراقي بين الموعود والموجود
الكاتب ضياء محسن الاسدي
(( أن ديدن العراقيين وعلى مر العصور الغابرة من حياتهم لا يرضون بأحد من الذين حكموهم بمختلف أفكارهم وتوجهاتهم السياسية والفكرية والدينية ومدى قربهم من المواطن فالمزاج العام الذي يحكم العراقيون يختلف عن شعوب العالم كما قيل سابقا أن العراقيين لو أرادوا كل ثلاثة أشهر واليا لكان لهم ما أرادوا. فأنهم متقلبو المزاج ومن الصعوبة أرضاء ثلاثة منهم . وهذا ما أثبتته السنين السابقة وخاصة بعد عام 2003 ميلادية حيث لم يستقر رأي ومزاج الشارع العراقي على شخصية معينة لقيادتهم وكان آخرها السيد مصطفى الكاظمي الذي أجمعت عليه أكثر القوى السياسية وأكثر الشارع العراقي بأنه سيكون قائد المرحلة المقبلة وسيكون المنقذ المرتجى منه لقادم الأيام القليلة لعمر حكومته قبيل الانتخابات المزمع أجرائها والمشكوك في تنفيذها لكن لنسلم جدلا أنها ستكون على المدى القريب وبالرغم من أن الحكومة المشكلة وفريقها الفتي نرى هذا العداء المستميت ووضع العصي في دواليب عجلاتها وتخوينها تارة ومحاولة إسقاطها تارة أخرى بالرغم من المدة القصيرة لاستلام مهامها لقيادة البلد بعد التراكمات المتردية في الاقتصاد والسياسة والبيئة والتردي التراجع المعاشي للفرد نرى الهجمات الشرسة عليها من القريب والبعيد ومن الداخل والخارج تشل تحركاتها مما يسبب أضعافها وتشويه قراراتها وهذا ليس من باب التملق والدفاع عنها لكن وجهة نظر مواطن مراقب ومتابع للظروف حيث أن لكل شيء مساحة عمل وفرصة متاحة ترسم له على مديات زمنية لتوضع تحت مجهر المواطن ليبدي رأيه وردود أفعاله اتجاهها , ما زلنا نعاني منه أن الحكومات لن ترضى عنها الأحزاب والكتل السياسية وقادتها وبالمقابل لن ترضى الحكومات بنهج وتطلعات الأحزاب لهذا ترانا نراوح في مكاننا بدون تقدم ولا تطور على كافة الأصعدة ولن تُلبى تطلعات الجماهير العراقية في ظل هذه الصراعات المستمرة حين جعلوها محمدية المعارضة من قبل السياسيين كما قيل في الآية الكريمة ( لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) ورفعوا شعارا موسويا ضد الحكومة بإطار ( أذهب أنت وربك فقاتلا أنا هنا قاعدون ) .
فعلى كل القوى السياسية والمواطن في الوقت الحالي أن يتحمل جزء من الصعوبة والتأني وأن ينتظر الوعود من الحكومة ويقبل بالموجود المتاح والمقنع من الحد الأدنى ولو كان على مضض من عمر الحكومة الفتية الجديدة وكما وعدت على لسان فريقها وأن تكون أهلا لهذه المسؤولية التي منحها إياها البرلمان على ثقة عالية في تطبيق برنامجها الموضوع في حساباتها وعلى طاولة التطبيق حتى ولو كان زمنها محدود ومدتها مقيدة .فإذا أرادة الحكومة الجديدة النجاح في مسعاها وبجدية وطنية وتنفيذ مهمتها الصعبة جدا وفي هذه الظروف عليها النزول إلى الشارع وتكون بتماس مباشر معه بدون وسيط وقريبة من المواطن المتضرر من إهمال الحكومات السابقة المتعمد ووضع يدها على جروحه ومعاناته وتضع يدها مع المنظمات المجتمع المدني النزيه المعتمدة في المجتمع العراقي والعقول الراقية من المثقفين والأساتذة الجامعيين أصحاب الخبرة والقانونيون من خارج العملية السياسية والغير متحزبة وبعيدة عن مطابخ السياسيين وبعيدا عن روتين دوائر الحكومة البيروقراطي الذي دمر مؤسساتها ليعكسوا لها الواقع المزري للواقع والمعانات الحقيقية للشعب العراقي والمساهمة في وضع الحلول بدون رتوش ولا تشويه ولا مجاملات ولا محاباة لرسم طريق وفريق عمل علمي وعملي مدروس ينتشل الواقع العراقي المتردي الخطير .
ولزاما علينا الانتظار ولو حتى حين لعدة أشهر أخرى من تشكيل الحكومة الجديدة لإعطائها الفرصة المتاحة لنرى مدى جديتها في تقديم الأفضل من برامجها على الواقع وترجمته بصورة عملية في سبيل تقديم الخدمة للمواطن العراقي الذي مل الوعود والمواعيد والمواثيق والأماني الرنانة حتى وصل إلى اليأس والتخمة منها .فاليوم الشعب العراقي لا يتحمل المزيد من الصعاب والمصائب التي تشكل عبأ ثقيلا على كاهله وعلى حياته المعيشية والنفسية والأسرية فالمسئولية الآن مشتركة بين القوى السياسية والأحزاب والحكومة والمواطن لرسم خارطة طريق جديدة لإبحار سفينة النجاة في الوقت الراهن وتوفير الخدمات للعراقيين فالأمل والتفاؤل ما زال قائما في المشهد العراقي وأن غدا لناظره قريب … )