المنتظر.. لآخر الزمان
الكاتب : محمد جواد الميالي
ما خلق الله الكون وما يحتويه من مجرات عبثاً، ولا ميز الإنسان عن سائر الحيوان بالعقل لأجل لا شيء.. فهذا النظام المتكامل، والدقة في نشوء الحياة وتفاصيل الإنسان، تبين أن للحياة صانع بديع، وإن خلقه للبشر كان لهدف محدد بل لعدة أهداف.. فهمناها أو لم نفعل.
كل الأهداف تحتاج إلى خطة يتبعها الإنسان، توصله إلى معرفة الخالق والإيمان بوجوده، وتحقق هدف وجوده في هذه الأرض، فكان الدين هو الطريق..
الديانات الإلهية لا تختلف في حقيقة منابعها أو عقائدها الأساسية، فكلها سابقها ولاحقها أتت مكملة لبعظها، وخاتمتها كان الإسلام..
رغم تعدد طوائفه إلا أن أتباع آل محمد عليهم أفضل الصلوات كانت عقيدتهم هي الأمثل، لإلتزامها بما جاء به الرسول محمد عن طريق أقرب الناس له والصقهم به وأشبههم به سيرة ومنطقاً، ناهيك عن أنه يحوي كل التفسيرات المنطقية لباقي الديانات.
ميثولوجيا الدين تختلف من طائفة إلى أخرى، لكنها تتفق في أن هناك شخص يخرج في آخر الزمان، ليخلص البشرية من الظلم والجور، ويملئ الأرض عدلاً وقسطاً.. وهذا الفكرة العقيدية شبه متفق عليها لكن ربما يختلف في تفاصيلها الثانوية..
أتباع المذهب الشيعي فقط هم من يطبقونها ويعتقدون بها حرفياً.. لأن التصديق بوجود المنقذ، يحتاج إلى صلة تربطهم مدى الحياة، بالتمسك بهذه الفكرة، ويتطلب عملاً متواصلاً، لتهيئة الأرض الخصبة بالرجال المخلصين، لإستقبال منقذهم.. لكن كيف يطبق الشيعة ذلك؟
تعد زيارة أربعينة الإمام الحسين عليه وأله أفضل الصلوات، واحداً من أهم طرق النجاة والخلاص التي يؤمنون بها.. ففي كل عام تبدأ المسيرة المليونية إلى القبر الشريف حيث قبلة العاشقين، في حالة يصعب توصيفها، ويحج لزيارته ملايين البشر، بإختلاف جنسياتهم وألوانهم، لغاتهم وعاداتهم، إيماناً منهم بأن السير نحو سيد الأحرار، هو الرابط الحقيقي والدائم والممهد لخروج المنتظر، الذي سيخلص العالم من الآفات ليعم السلام.. كل عام يتضاعف عدد الزائرين، كأنهم جيش يعد العدة لإستقبال الأمل المنشود والنهوض معه لدفع الظلم والجور..
كذلك التكافل في ما بينهم، حيث يعملون على تنفيذ وصايا أئمتهم، بالإهتمام بأداء حقوق الفقراء والمساكين، وعدم التقصير في العبادات والإكثار من المناجاة، لكي يكونوا أحد جنوده عند الظهور، فهم مؤمنون أن مخلصهم سينشر السلام بينهم.
عقيدة أتباع أهل البيت، تفهمت سبب خلق البشرية.. أولاً بإيمانهم بوجود خالق، وثانياً بإتباعهم الفكرة، التي تنتظر المنقذ في آخر الزمان، لينشر السلام في ربوع المعمورة، وكل ما يعصف بالبشرية اليوم، نجد أن العالم خائف إهتزت عقيدته إلا الشيعة المؤمنون.. رغم ما يحدث، هم متيقنون أن الحياة لا يمكن أن تنتهي دون خروج المنتظر.
الأمل المستند على عقيدة راسخة واضحة، هو الفارق الذي يميزهم هؤلاء عن باقي البشر من الديانات الأخرى..