المنتج المحلي في العراق يقاوم الاندثار امام الاستيراد
أغرقت السوق العراقية منذ 2003 بالبضائع الخارجية المستوردة، حتى بات المواطن المحلي يعتمد بشكل كبير على الاستيراد والمنتوج الخارجي أمام المنتوج المحلي، الذي شهد إقبالاً ضعيفاً من قبل المواطنين خلال السنوات الماضية، إلا أن تلك المعادلة تغيرت خلال الأشهر القليلة الماضية، إذ أعلنت وزارة الصناعة والمعادن العراقية رصد إقبال كبير من المواطنين على المنتج المحلي.
وفيما أكدت حاجتها لرؤوس الأموال ورجال الأعمال للاستثمار في ثلاث صناعات، أشارت إلى اتخاذ إجراءات لاستعادة ثقة المواطن بمؤسسات الدولة والمنتجات المحلية.
المنتج العراقي مرغوب وقال المدير العام للتطوير والتنظيم الصناعي لوزارة الصناعة علاء موسى، إن “المنتج العراقي مرغوب لدى المواطن لأسباب كثيرة، خصوصاً أنه معروف بجودته ونوعيته، لا سيما المنتوجات ذات العلامات التجارية المعروفة والمجربة”.
وأضاف موسى أن “المنتج المستورد لا يكون دائماً ذا مواصفات عالية ويكون بعضه خارج مواصفات السيطرة النوعية، وبعضه ذو نوعية جيدة ولكن أسعاره مرتفعة”، مشيراً إلى أن “المنتج العراقي من منتوجات وزارة الصناعة ومن الشركات المجازة من التنمية الصناعية والاستثمار، خاضعة لمواصفات دقيقة ومتابعة، لذلك هي منتوجات جيدة”.
وأكد أن “هناك إقبالاً على المنتج المحلي خصوصاً مع تعديل سعر الدولار الذي أدى إلى إدخال مشاريع جديدة إضافة إلى التسهيلات التي تقدمها الوزارة”، موضحاً أن “الوزارة لديها إجراءات لاستعادة ثقة المواطن بمؤسسات الدولة مما أدى إلى إقبال على إصدار إجازات لفتح مشاريع جديدة، وهناك زيادة ملحوظة في هذا الاتجاه”.
وتابع أن “المشاريع قللت البطالة ولكن بشكل محدود، والوزارة بحاجة إلى رؤوس أموال ورجال أعمال للاستثمار في الصناعات الغذائية والملابس والمنظفات، لكي تستقطب مجاميع كبيرة من العاطلين عن العمل”.
سياسة الباب المفتوح بدوره، يرى مظهر محمد صالح المستشار المالي لرئيس وزراء العراق، أن “التجارة الخارجية في بلادنا اعتمدت ما يسمى بسياسة الباب المفتوح، وهو الأمر الذي زاد من مشكلات الإغراق السلعي من منتجات بلدان تدعم صادراتها إلى العراق على نطاق واسع، لكي يتم تداولها بأبخس الأثمان داخل أسواق بلادنا، فكانت ضحية ذلك التحرر التجاري الواسع هي قمع الحرف اليدوية، بدءاً من صناعة الأحذية والحقائب المدرسية، وانتهاء بمختلف المفروشات والأثاث وحتى كثير من مستلزمات البناء وغيرها من مفاصل المهن ومنتجاتها المحلية، وإزاء أكثر من 37 منشأة صناعية حكومية متوقفة أو متعثرة عن العمل منذ عام 2003 باستثناء ثلاث منها رابحة، يوجد 50 ألف مشروع صناعي صغير ومتوسط وكبير بات جلها متوقفاً منذ سنوات طويلة”.
ويضيف، “خسرت بلادنا رأسمال بشرياً حرفياً ومهنياً وهندسياً فقد خاصية تراكم خبراته، ولم تتم إضافة تراكمات صناعية أو حرفية مهمة أخرى إلا استثناء، مما يعني خسارة في التنمية البشرية والمنتج الوطني معاً، إضافة إلى ذلك هناك خسارة في التجديد التكنولوجي بعد أن أصبحت خطوط الإنتاج المتوقفة عن العمل طوال السنوات السابقة من الطرازات المندثرة فنياً”.
وتابع، “لذلك فإن رأس المال البشري والمادي، لا سيما في مجال الصناعة التحويلية، بات لا يشكل أهمية في الناتج المحلي الإجمالي سوى مساهمة بين واحد إلى اثنين في المئة من إجمالي ذلك الناتج في أحسن الأحوال، وهي مساهمة منخفضة جداً، وخلاصة الأمر فإن خسارة الوسط المهني مستمرة في الاستنزاف بسبب انتقال أصحاب الحرف إلى خدمات أسهل ضعيفة الحرفية بغية استدامة سبل العيش”.
هامش الربح قليل أما المتخصص في الشأن الاقتصادي صالح لفتة فأكد أنه “بعد التغيير في عام 2003 وفتح الأسواق العراقية أمام المنتجات الأجنبية وخصوصاً الرخيصة منها، لم يستطع المنتج المحلي المنافسة أمام ما هو معروض من سلع من ناحية الأسعار أو الكفاءة، لذلك بدأت مصانع كثيرة ومعامل أهلية إغلاق أبوابها وتسريح العاملين، لأن هامش الربح قليل ولا يكفي لسد الأجور التشغيلية أو المواد الأولية، وكذلك النقص الكبير في الطاقة وارتفاع أسعار الوقود الضروري لتشغيل المولدات الكهربائية”.
أما المصانع والشركات التابعة للحكومة، بحسب لفتة، “فعانت الإهمال بسبب الفساد، وأيضاً تضخماً في أعداد العاملين بسبب التوظيف غير المدروس، مما خلق بطالة مقنعة لا تستطيع أن تسد خسائر الإنتاج حتى لو عملت ليلاً ونهاراً، لذلك تضطر للتوقف خصوصاً بعد ما امتلأت مخازنها بمنتجاتها المصنعة ولا يوجد مشتر لها”.
ورأى أن “من الإجراءات الضرورية التي سوف تسهم في فتح المعامل وخلق منافسة للمنتجات المحلية، إقرار قانون يجبر المؤسسات الحكومية على شراء المنتجات المصنعة محلياً لمنع تكدس المواد المصنعة في مخازن الشركات المنتجة لها، وأيضاً فرض ضرائب على المنتجات المستوردة بجميع أنواعها، فتصبح المنافسة عادلة خصوصاً بوجود فرق سعر كبير يدفع المواطن إلى اقتناء المنتج المحلي الرخيص، وتنشيط حركة السوق الداخلية وفتح المعامل وتوفير فرص عمل جديدة، ومنع خروج العملة الصعبة وخلق توازن بالميزان التجاري للدولة، وأيضاً منع استيراد ما يمكن تصنيعه محلياً لتشجيع أصحاب المعامل على توفير حاجة الأسواق من المنتجات وزيادة الأرباح”.