المعوقات التي تعترض التعليم الالكتروني
بقلم: الدكتور مهند مجيد برع العبيدي
من المسلَّم به أن التعليم الإلكتروني في ظل الأوضاع التي نعيشها حالياً أصبح ضرورة لا بُدَّ منها ، واتقان التعامل مع أدوات التعليم الإلكتروني أصبح فرضاً واجباً على المعلمين والمتعلمين ابتداءً من رياض الأطفال وانتهاء بالتعليم الجامعي وفي المجالات كافة .ولكن هل وفرَّنا البنية التحية والأجهزة والأدوات المطلوبة والتعليم والتدريب على استعمال هذه الأمور ، الإجابة ربما تكون صادمة ،إذ إن هناك أمية عالية تشهدها الساحة العلمية في العراق فالبنى التحية في العراق من أضعف ما يكون وهذا الأمر له أسباب يطول شرحها وتخرج عن نطاق ما نريد قوله في هذا المقال فخدمة ( النت ) أسوأ ما تكون مقارنة حتى بدول الجوار وأغلى ما تكون أيضاً خدمة سيئة وثمن مرتفع !، فضلاً عن الأمية الكبيرة حيال استعمال أجهزة الحاسوب والهواتف النَّقاَلة والبدائية في استعمالها ، فهناك من التدريسيين والمعلمين من لا يعرف ما هو البريد الالكتروني (الايميل) حتى الآن، ولا يفرق بين الحساب الشخصي والحساب الأكاديمي ، ولا يعرف أهمية الانضمام إلى المنصات العلمية الرصينة وإجراء المحاضرات باستعمال هذه الأجهزة ، وما زاد الطين بلة دخول أُسر الطلبة في هذا المجال ولا سيما في المراحل الأولية من التعليم مع سوء استعمال وجهالة بما تنطوي عليه هذه الأجهزة من انتهاك للخصوصية الأسرية والشخصية وما ستنجم عنه من مشاكل من جراء سوء الاستعمال ، كل هذه الأشياء مقلقة تتطلب منا إعادة النظر بمجمل عملية التعليم الإلكتروني في العراق ، والبدء ببرنامج وطني للتعليم الإلكتروني يبدأ من رياض الأطفال وينتهي بالتعليم الجامعي ، توفر له الدولة الإمكانيات المادية والبشرية فحتى هذه اللحظة لم توزع الحكومة جهاز حاسوب واحد ولا وفرت خدمة ( الانترنيت ) للطلبة والتدريسين بشكل مجاني يخدم العملية التعليمية، ولا بأس أن نستفيد من تجارب الدول المتقدمة والدول المجاورة في هذا المجال ، من ذلك استبدال الكتاب الورقي بالكتاب الإلكتروني وبث المحاضرات من خلال التلفاز أو منصات تعليمية خاصة، واختيار أساتذة متخصصين من ذوي البراعة لعمل دروس نموذجية من خلال التلفزيون التربوي وصولاً إلى التعليم الجامعي ، فقد رأيت وسمعت عدداً من المعلمين والمدرسين في أثناء إلقاء هذه الدروس وهم يرتبكون أخطاءً فاحشة في القراءة وفي النحو مما يُنذر بحصول كوارث في التعليم، والتعليم بهذه الحالة سيعلِّم الطالب الخطأ الذي يصعب تلافيه في المستقبل فمن شبَّ على شيء شاب عليه كما يقولون ، ومن المعيب والمخزي أن تتلى آيات القرآن الكريم وهي ملحونة بلا تجويد ولا ترتيل ولا ترجيع والقائمة تطول .ربما يبدو الأمر صعباً ولكنه غير مستحيل يستدعي تكاتف الجميع للنهوض بواقع التعليم في ظل عالم متسارع الخطى بوتيرة متصاعدة ونحن في آخر الركب ، ومن علَّمهم بالأمس لا ينبغي أن يكون آخرهم في المسيرة.