المعارضة.. مَن سيمثلها؟
د. فاتح عبدالسلام
لابد أن تنتهي موجة الاعتراضات على نتائج الانتخابات العراقية التي سبق أن اعترض على اقامتها أصلاً ثلاثة عشر مليون ناخب عراقي قاطعوا المشاركة فيها. لابدّ لسلامة سفينة العملية السياسية التي تضم كل الأطراف من القبول بالنتائج بعد استيفاء الطعون والاعتراضات، ذلك أنّ بديل عدم القبول بالنتائج هو عدم قيام حكومة عراقية جديدة وشلل في الوضع العام، ومن ثمّ الانهيار الذي يعرض السلم الأهلي لخطر أكيد ومصير مجهول. عدم تقبل ذهاب فريق من الخاسرين الى جبهة المعارضة هو المسألة الجدية في الوضع العراقي، إذ لم تكن هناك معارضة في العراق منذ عقود بعيدة، ففي زمن نظام الحزب الواحد لا توجد معارضة في الداخل لها حرية العمل، والمعارضة السابقة تشكلت أو هربت الى الخارج وتحولت اغلبيتها الى أدوات بيد مخابرات دول عدة ولم يعد الامر خافياً أو سراً وتماهت في دور التبعية. وبعد الاحتلال، جرت انتخابات، معظمها مزور بدرجة كبيرة، ووجد الجميع أنفسهم في السلطة بشكل مباشر او غير مباشر عبر الحلقات الأصغر لكنها ذات امتيازات مجسدة في الواقع واقتنع كثيرون بحصتهم فيها برغم من انهم ليس في المناصب الأولى. المعارضة البرلمانية قتلها مبكراً مبدأ التوافقات السياسية واجتماعات الغرف الخاصة في ليالي المنطقة الخضراء بين زعماء القوى، حتى أُفرغت جلسات البرلمان من معناها وأصبحت واجهة شكلية لإعادة بث ما جرى الاتفاق بشأنه مسبقاً قبل يوم او ساعة. المعارضة في دول العالم الواعي للعملية الديمقراطية، لها حكومات ظل تعمل بجد من اجل مساندة بناء الدولة والاستعداد لتسلم الحكم عبر صناديق الاقتراع بحيث تبدو الانتقالة سلسة وعملية وليست مقحمة وبداية غامضة من الصفر. سنوات متراكمة من فشل الحكومات السابقة برّرها بعضهم في انّ الأحزاب والشخصيات الحاكمة حديثة العهد بالسلطة، وانّ الحياة السياسية العراقية كانت منعدمة التعددية منذ أمد طويل، لكن بعد ثماني عشرة سنة، وهي فترة يولد فيها الوليد ويصبح مؤهلاً للخدمة العسكرية كرجل ، لم يعد هناك أي مبرر للتملص من استحقاقات ما يسمونه العملية الديمقراطية التي ثبّتوها بأنفسهم في الدستور والقوانين، وفي مقدمة هذه الاستحقاقات دور السلطة ودور المعارضة بالمعنى الوطني الموحد . هذا التوصيف يشمل الحركات والأحزاب الظاهرة المعترف بوجودها وليست تلك التي نزلت تحت الأرض .