المحاصصة مرة أخرى
نجاح العلي منذ بدء عملية التغيير السياسي في نيسان 2003 وحتى الآن مازال مفهوم المحاصصة هو السائد والمسيطر على مجمل العملية السياسية تحت مسميات عديدة كالاستحقاق القومي والديني والمذهبي والمكوناتي، ووفق هذا المنهج تبوّأ اشخاص لمناصب حكومية مهمة من دون امتلاك الكفاءة والخبرة في ادارة الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية مما ادى الى تخبط الاداء وانزواء او ابعاد العديد من الموظفين الكفوئين والمهنيين او هجرتهم الى خارج العراق لتتلقفهم الدول الاجنبية للاستفادة من عقولهم وخبراتهم والامثلة على ذلك كثيرة. موضوع المحاصصة واضح ومشخص ولايمكن إنكاره بل حتى القوى السياسية التي كانت خارج العملية السياسية التي كانت تدعو الى المواطنة وحكومة تكنوقراط حالما تنخرط في العملية السياسية تبدأ بالمطالبة بحصتها من المناصب الحكومية، هذا الامر الخطير البنيوي الذي ينخر جسد الدولة العراقية اكدت وجوده قبل ايام اللجنة القانونية في مجلس النواب العراقي باستمرار الصراع بين الاحزاب على الدرجات الخاصة وهناك منافسة كبيرة على توزيعها بينهم. وينسحب الامر ايضا على ملفات الاستجواب والمساءلة داخل مجلس النواب، فما ان يبادر الى التلويح بسحب الثقة او اقالة مسؤول حكومي حتى تبدأ الصراعات والمساومات بين الاحزاب والقوى السياسية بترشيح شخصيات مقربة منها لهذه المناصب الشاغرة بعيدا عن الكفاءة والمهنية والخبرة والسيرة الشخصية، واصبح من المستغرب ان يتبوأ اي مواطن عراقي مستقل منصبا حكوميا من دون تزكية من احزاب السلطة، وقد تكون هذه التزكية مشترطة بولاءات وتنازلات معينة. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة كيف يمكن الموافقة بين المحاصصة والاستحقاق الانتخابي، الاجابة ببساطة وضع مواصفات معينة لكل منصب حكومي فالوزراء ومن هم بدرجتهم والمدراء العامون يفترض ان يملكوا خبرة وظيفية في تخصصهم لاتقل عن عشرين سنة ومؤهلات اكاديمية من جامعات رصينة تتناسب وطبيعة المنصب الحكومي المراد اشغاله، أو أي شروط الاخرى، المهم وجود معايير ومواصفات محددة لشغل المناصب الوظيفية، وبالنتيجة يتحقق الاستحقاق الانتخابي وتضطر الاحزاب والقوى السياسية الى ترشيح اشخاص اكفاء ومؤهلين، وهذا ما نبتغيه جميعا.