الاولى نيوز/ بغداد
اولا : حين ينفصل اقليم كردستان عن العراق لن تتحرك أرضه على عجلات لتقل شعبه الى مكان آخر ، مواطنوه على ارضهم وبجوار البلد الذي ارتبطوا به اداريا وقانونيا في فترة قصيرة من التاريخ لم تتجاوز المئة عام ثم انفصلوا عنه. وعليه لابد من تأسيس ركائز للسلام والامن والسلم المجتمعي والحفاظ على معطيات التاريخ المشترك للناس لاتاريخ الانظمة والدم والظلم الذي اغدقه الحكام الطغاة على الجميع.
ثانيا : حدث كبير تاريخي كهذا لايمكن للانسان أن يجرده من العاطفة ، من الخوف والحزن والحيف بعد أن فشل العراق كدولة في التاريخ الحديث ان يحمي مصالحه ويلم شمل شعبه ، حضارة قديمة موغلة في القدم ومنتجة فذة للاجتهادات والاساطير والفلسفة لم يبق منها شيء اليوم نهائيا ، بعدما ان تلاقفتها الاحتلالات الطويلة والتبعيات العقائدية التي لاتمت لطبيعة الدولة الرافيدينية متنوعة الاعراق والاديان والاجتهادات الفكرية .
ثالثا : لابد من الاعتراف بتجرد شجاع ان الدولة العراقية لم تعد تغري مكوناتها بالانتماء اليها، وان العرب لم يعودوا امة تتشرف الشعوب الاخرى بالاتحادُ معها .بعد ان جعل العسكر والاسلاميون بلدانها كيانات سطحية عرجاء بقومية واحدة ، وعوراء بعقيدة لاتقبل الآخر الا قتيلاً او ذليلا.
ثالثا: الحملات الاعلامية الهستيرية التي سبقت اجراء الاستفتاء ، تتناسى ذلك كله من الطرفين ، من الكورد الذين يتصورون انهم سينتقلون الى مناطق اخرى ، ومن العرب الذين يتصورون ان العيش المشترك والمصير المشترك يمكن ان يفرض بالقوة والكلام والتهديد ، ويتناسون ان الدولة حين لاتكون ضامنة لمكوناتها في اطرها الدستورية والقانونية ، تتعرض للتفكك بالضرورة .
رابعا : من فترة والمعسكر السياسي والاعلامي الشيعي وقبله المعسكر السياسي والاعلامي السني يطالبان بطرد الكورد الذين فرضوا الفيدرالية على الدستور، الذين يستلمون ميزانية عالية يتقاضونها بشكل منتظم ، الذين يصدورون النفط دون احترام للحكومة المركزية ، الذين يفرضون رسوما وضوابط على دخول العرب ، الذين لهم ممثليات خاصة وجيش خاص وهم طرف في المحاصصة من الوزارات والمناصب السيادية . هؤلاء بدل ان يحاسبوا الحكومات والمسؤولين على مايحصل من ضعف او تقنين او معالجة او سكوت ، يضغطون باتجاه ان ينفصل الاكراد ليخلو الجو للسياسين كي يستفردوا بالشيعة المساكين ضحايا الارهاب ، والسنة المساكين مستوطني مخيمات النازحين.
خامسا : الاكراد من جهتهم عملوا على اضعاف الدولة كي يخرجوا منها وهي في حالة انهيار ، لااقتصاد ولاأمن ولا اصلاح ولاتغيير . والسياسيون العراقيون الذين لاقرار لهم ولاقوة ، لايبدون مكترثين لذلك معتمدين على الله والضغوط الدولية لحسم ذلك الالتباس ، بل ان البعض ظل صامتا ليعرف ماهو رأي ايران ، وماهو رأي تركيا ، اذا رفضتا حملوا فؤوسهم وهددوا بالانتقام ،واذا أيدتا حملوا فؤوسهم ليساعدوا في بناء حدود الدولة المنفصلة الجديدة.
سادسا : الاهم من ذلك كله ، ومالايراه الطرفان العراقيان – الكردي – العربي ، ان العراق ليس قالبا ممكن اقتطاع قطعة منه ليتغير شكله فقط ، ان تاسيس الدول اشبه بنظام الازاحة في قانون السوائل ، ينشا بناء على توازنات اقليمية ودولية ومصالح مباشرة او غير مباشرة في المنطقة . من تنوع الاعراق الى المناطق المتنازع عليها الى التغيير الديمغرافي في البلاد ، وحين تفصل جزءا لابد من اعادة العجينة الى مكوناتها الاساسية وطبخها في التنور من جديد. حينها سيرى جميع المتحولين وطنيا حسب الظروف ، من العرب والكورد …ان التحديات داخل شراك الشراكة ليست اقل منها خارج اسوار الوطن. اذا مابقي بعد الانفصال وفي ضوء رسم جديد للخرائط والمصائر وطنٌ يتذكرونه.