مقالات

المؤتمرات الداخلية والفساد

د. فاتح عبدالسلام‭ ‬

وصلتني‭ ‬اتصالات‭ ‬ومكاتبات‭ ‬عدة‭ ‬في‭ ‬خلال‭ ‬الساعات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية،‭ ‬‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬الكشف‭ ‬عنه‭ ‬بشأن‭ ‬حجم‭ ‬الفساد‭ ‬الهائل‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬وأثار‭ ‬الرقم‭ ‬البالغ‭ ‬مائة‭ ‬وخمسين‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬ردود‭ ‬افعال‭ ‬مختلفة‭ ‬بين‭ ‬العراقيين،‭ ‬وكأن‭ ‬الجراح‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تندمل‭ ‬حتى‭ ‬الان‭ ‬أضيف‭ ‬لها‭ ‬الملح‭ ‬والفلفل‭. ‬‭ ‬ومعظم‭ ‬التساؤلات‭ ‬تنصب‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬الجدية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬الان‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬مجيء‭ ‬حكومة‭ ‬جديدة،‭ ‬كما‭ ‬انصبت‭ ‬الشكوك‭ ‬حول‭ ‬امكانية‭ ‬إدانة‭ ‬رؤوس‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬السياسيين‭. ‬وقال‭ ‬أحدهم‭ ‬في‭ ‬تعليق‭ ‬قصير‭ ‬أنّ‭ ‬الحيتان‭ ‬الكبيرة‭ ‬تبقى‭ ‬في‭ ‬العمق‭ ‬والاسماك‭ ‬الصغيرة‭ ‬ستكون‭ ‬وجبات‭ ‬سهلة‭ ‬لحملات‭ ‬سينقطع‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬أقرب‭ ‬مناسبة‭.‬‭ ‬وهناك‭ ‬مشككون‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يصدر‭ ‬قانون‭ ‬يوافق‭ ‬عليه‭ ‬البرلمانيون‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬فيه‭ ‬ثغرات‭ ‬مطاطية‭ ‬للخلاص‭ ‬عند‭ ‬الحاجة‭. ‬جميع‭ ‬الآراء‭ ‬تلتقي‭ ‬عند‭ ‬نقطة‭ ‬واحدة‭ ‬هي‭ ‬فقدان‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬الاجراءات‭ ‬مادامت‭ ‬الوجوه‭ ‬والاحزاب‭ ‬السائدة‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬هي‭ ‬نفسها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تغيير‭. ‬وأثار‭ ‬أحد‭ ‬المتابعين‭ ‬واسمه‭ ‬هاشم‭ ‬المحامي،‭ ‬كما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬رسالته،‭ ‬انّ‭ ‬الاحزاب‭ ‬جميعها‭ ‬تدّعي‭ ‬انها‭ ‬ديمقراطية‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬دينية‭ ‬او‭ ‬علمانية،‭ ‬واذا‭ ‬كانت‭ ‬الحجج‭ ‬المساقة‭ ‬في‭ ‬التستر‭ ‬على‭ ‬الفاسدين‭ ‬هي‭ ‬التنافس‭ ‬بين‭ ‬الاحزاب‭ ‬التي‭ ‬يتسقط‭ ‬احدها‭ ‬الاخر،‭ ‬فما‭ ‬الحجة‭ ‬داخل‭ ‬الحزب‭ ‬الواحد‭ ‬عندما‭ ‬تنعقد‭ ‬المؤتمرات‭ ‬العامة‭ ‬،‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬تواجه‭ ‬تلك‭ ‬الاحزاب‭ ‬حقيقة‭ ‬الفساد‭ ‬وتحاسب‭ ‬اعضاءها‭ ‬اذا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬راضية‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬السلوك‭ ‬المشين‭. ‬المؤتمرات‭ ‬العامة‭ ‬تمر‭ ‬بترسيخ‭ ‬الاسماء‭ ‬المكررة‭ ‬والنهج‭ ‬المستهلك،‭ ‬ولا‭ ‬يبدو‭ ‬هناك‭ ‬أمل‭ ‬قرب،‭ ‬لأنّ‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يصلح‭ ‬بيته‭ ‬الداخلي‭ ‬لن‭ ‬يستطيع‭ ‬اصلاح‭ ‬بيت‭ ‬الوطن،‭ ‬انتهى‭ ‬كلام‭ ‬المحامي‭. ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الاحيان‭ ‬يقفان‭ ‬مراقب‭ ‬عاجزاً‭ ‬عن‭ ‬التعليق‭ ‬على‭ ‬شهادات‭ ‬الناس‭ ‬حول‭ ‬الوضع‭ ‬الداخلي‭ ‬في‭ ‬البلد،‭ ‬لأنها‭ ‬أكثر‭ ‬تعبيراً‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬مقال‭. ‬لابدّ‭ ‬من‭ ‬كسر‭ ‬حاجز‭ ‬فقدان‭ ‬الثقة‭ ‬بإجراءات‭ ‬قانونية‭ ‬واضحة‭ ‬ودقيقة،‭ ‬وإلاّ‭ ‬سوف‭ ‬تعود‭ ‬التصريحات‭ ‬التي‭ ‬يظن‭ ‬السياسيون‭ ‬انّهم‭ ‬حققوا‭ ‬منها‭ ‬انجازاً‭ ‬لفظياً‭ ‬ضرورياً،‭ ‬بالنتائج‭ ‬السلبية‭ ‬والتداعيات‭ ‬التي‭ ‬تضاف‭ ‬الى‭ ‬متاعب‭ ‬الشارع‭ ‬العراقي‭. ‬إنَّ‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬إعادة‭ ‬الثقة‭ ‬هو‭ ‬السرعة‭ ‬في‭ ‬التشريعات‭ ‬اللازمة‭ ‬ذات‭ ‬التطبيق‭ ‬الفوري،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬مكاشفة‭ ‬الناس‭ ‬بالحقائق‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬مُرّة،‭ ‬شرط‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬منطلقاً‭ ‬لبداية‭ ‬جديدة‭. ‬‭ ‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى