مقالات

اللقاح .. والعبوة (العربية) الفارغة

د. فاتح عبدالسلام

الهوة بين بلداننا العربية ودول العالم المتقدم بدت عميقة، في زمن الجائحة، على نحو يثير الشفقة والرعب على حال بلاد كانت قبل قرون منبع العلوم في الطب والرياضيات والفلك والكيمياء ولاتزال كتب علمائها في علم الجبر من اساسيات العلم في أوروبا وامريكا .شركات عملاقة تتحكم بدول كبيرة وليس نحن فقط، في قضية انتاج اللقاحات وتوزيعها، فيما تظهر الدول العربية بكل مراكز بحوثها وجامعاتها التي جرى صرف المليارات عليها في العقدين الاخيرين، خارج مرمى العلم القادر على انقاذ البشرية .لا تنقص معظم بلداننا الاموال، إذ جرى تبديد ثروات كاملة على أمور ذات غايات سياسية وخلافات وحروب فجة انتهت الى العدم. ليس شرطاً لكي نبلغ التقدم أن نخترع اللقاح الناجح في ظل أزمة كونية، لكن الشرط الاساس الذي يجب أن يتوافر لدينا هو الرؤية الواضحة لاحتضان وتنمية العلم النافع الانتاجي الانمائي الباني لمجالات الحياة المختلفة ، وليس العلم المحبوس بين اطارات الشهادات المعلقة على حيطان الجامعات أو في المنازل الفاخرة .تطوير الامكانات العلمية تحتاج شروط كفاءة مادية عالية، وبعض العرب يملكونها، وبما يزيد على ما تملكه مختبرات فايزر وموديرنا وأوكسفورد واسترازينيكا، لكن العقبة القاتلة تكمن في أنه ليس للعرب سياسات استثمارية في قطاعات الطب والعلوم والعقل البشري بما يكفل لها التطور والاستقلالية الناجعة . المختبرات العالمية اكتشفت اللقاحات وذهبت بها الى مصانع انتاجية في الهند مثلاً لإنتاجها بكميات تجارية هائلة والعودة لتوزيعها على دول العالم . هل تستطيع اية دولة عربية أن توفر خمسة مليارات عبوة فارغة صغيرة لاستخدامها في اللقاحات؟ وهل يمتلك العرب التأثير العالمي الذي يجبر منتجي اللقاحات التوجه نحوهم أو مجرد التفكير بهم للمساعدة الانتاجية بوصف انّ لهم قواعد صناعية تدفع انتاج اللقاح الى مستوى سريع في الكمية والزمن بما يلبي احتياجات العالم.المسألة لا تتعلق باللقاحات، وإنّما تتصل بحصة دول العرب في الاسهام بأدوار كبيرة تخص البشرية، ماداموا يدورون في فلك العولمة التي لها جانبي الاخذ والعطاء.هناك طاقات علمية عربية فذة وكبيرة، خارج سكة الانتاج، التي يحرّك عرباتها سياسيون وحكومات، ليس لهم هم سوى الوصول للسلطة ثم الحفاظ عليها بأي ثمن .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى