الكِمامة والاعلام
د. فاتح عبدالسلام
في البلدان المتقدمة، شهدنا حملات اعلامية جبارة في مواجهة جائحة فيروس كورونا، وبالرغم من ذلك كانت الاصابات والوفيات عالية، ولم يتراجع الجهد الاعلامي التعبوي أبداً بل تطور بوسائله وتقنياته، وكان يقوده في الواجهة دوماً رؤساء الحكومات ووزراء الصحة حتى تحولت وجوههم الى ضيوف مألوفين في بيوت الملايين ، في حين كان المواطن هناك بالكاد يتذكر اسم رئيس حكومة أو وزير بارز.كيف الحال في بلدنا الذي، كان اقصى جهد تعبوي لتثقيف الناس هو ارتداء المسؤولين في الاجتماعات العامة الكمامات قبل أن تبدأ هذه الظاهرة بالتآكل، لكن واقع الشارع شيء آخر إذ قلما ترى أحداً في شوارع المحافظات بالذات يرتدي الكمامة وانّ بعضهم يضطرون لارتدائها عند دخول بعض التجمعات التجارية، لكن الاسواق والميادين العامة لا تعطي أي انطباع على وجود كارثة كبرى لا تزال تحدق بالعراقيين وتحصد الارواح، لاسيما مع ضعف الاقبال في بعض المدن على التلقيح تحت حجج ودعايات ساذجة. كما انّ الكمامة بحد ذاتها تحولت الى وسيلة لنقل العدوى، ذلك ان هناك بعض المواطنين لا يغيرها اسبوعاً او اكثر، وبات ارتداؤها مظهراً شكلياً وليس وقائياً .كما هي غرفة العمليات العسكرية التي لايمكن ان يفتر العمل داخلها عند خوض المعارك والحروب فإنَّ غرف عمليات مواجهة الفيروس كان يجب ان تبقى متقدة بالحيوية ولا يتراخى الجهد فيها مهما طالت مدة التصدي للوباء، وربما كنا نتفادى فاجعة مستشفى ابن الخطيب التي راح ضحيتها اكثر من مائة من مرضى كورونا. غرفة عمليات الصحة هي كتلة موحدة ومتجددة من العمل الصحي والخدمي والرقابي والاعلامي مع تنسيق أمني أيضاً، وليس أدنى من ذلك، وهي مسؤولية تتجاوز قدرات وزارة متخصصة واحدة، ولابد أن يكون ثقل الدولة كله مُعبئاً من أجل هذه المعركة.نشاهد مسلسلات رمضان وبرامجه، وليس هناك مكان واضح لحملة البلاد ضد الوباء العنيف الذي لايزال اقوى من وسائل التصدي له، ويتساءل المشاهدون :هل يختفي الفيروس في خلال التمثيل أو المقابلات التلفزيونية، فلا أحد من الذين يشغلون الشاشات يكون بحاجة لارتداء الكمامة؟