الكهرباء…الطاقة الغائبة في العراق
بقلم: عبد الخالق الفلاح
تمثل الطاقة الكهربائية الركيزة المهمة وألاساسية لمعظم ألانشطة والفعاليات الاقتصادية في العالم والتي يعتمد عليه بدرجة عالية في تنمية إلانتاج، لكن ألاضرار المباشرة التي لحقت بمحطات الانتاج والتوزيع العامل الرئيسي والتخريب المتلاحق لها والمستمر قبل عام 2003 اودت بغيابها في العراق بسبب العقوبات الدولية المفروضة نتيجة السياسات الخاطئة والحروب الهمجية التي خاضها النظام الحاكم السابق االبائد بقيادة صدام حسين وبعدها لفساد الحكومات المتتالية والسرقات والتخريب الذي طال شبكات نقل الطاقة الكهربائية وشبكات تجهز الوقود الى محطات التوليد والمصافي اثر الاعتداءات البربرية لعصابات الارهاب التي غزت محافظات عديدة من وطننا ولا تتوفر حالياً أىّ حلول عاجلة لإستقرار وثبات في توفير وسد نقص إنتاجها وإمدادات الطاقة الكهربائية اللازمة لتلبية حاجة الاستهلاك اليومي للمواطن والتي اصبحت مشكلة ازلية والعجز في استمرار تغذية المناطق المختلفة بالطاقة الكهربائية في العراق فى المدى القريب امسى ” حلم ” من الصعب تحقيقه في القريب العاجل ، وتبلغ إنتاج الطاقة الكهربائية في العراق قرابة 18 ألف ميغاواط/ ساعة ايام ذروة الانتاج حسب المصادر الرسمية خلال فصلي الربيع والخريف لقلة الضغوط بسبب قلة الاستعمال ، بينما يبلغ حجم حاجة الاستهلاك 23 ألف ميغاواط في الشتاء والصيف لزيادة الاستعمال مما يعني عجزا بمقداره 4000 ميغاواط في كلا الحالتين .ومشكلة توفيرالطاقة الكهربائية العراقية ليست وليدة اليوم فالبلاد تعاني من نقص حاد بالطاقة منذ العام 1990بعد حرب احتلال الكويت، وقد تراكم هذا الأمر بعد العام 2003 لان القيادات المتعاقبة على وزارة الكهرباء في بغداد منذ اول وزير استوزر في اول حكومة بعد سقوط النظام السابق عام 2003 الى تاريخ اليوم متهمة بالفساد ومتورطة بمشكلات الكهرباء، والحكومة الحالية ما زالت تستورد الطاقة مجبرة لمساعدت الخطوط المستخدمة الداخلية في محطات التوليد المحلي، على رغم درايتها بأن الاستيراد مُكلف مالياً… الشعب العراق يطمح خلال السنوات القادمة إلى تأسيس محطات متطورة وجديدة لإنتاج الكهرباء لسد الحاجة المحلية على الاقل ومن ثم بيع الفائض إلى من يحتاج إليه من جيران العراق والعمل على تطوير قطاع الطاقة الداعمة ممثلة بالنفط والغاز الطبيعي و لزيادة إنتاجها على نحو واسع وإنشاء مصاف جديدة متطورة لتلبية الطلب المتزايد على المشتقات النفطية ، وكذلك تطوير منشآت استثمار الغاز الطبيعي المصاحب والحر من خلال تطوير الحقول الغازية المكتشفة بعد إبرام العقود الاستثمارية اللازمة مع الشركات ذات باع طويل ورصينة في التعامل وعن توفيرفرص للعمالة ولتحقيق عوائد مالية تضاف للموازنة ً العامة . ان الفجوة الحاصلة بين إنتاج الكهرباء والطلب عليه ،ومشكلة توزيع الطاقة الكهربائية تزداد يوماً بعد يوم ولا تحلها الاموال فقد تمّ هدر اكثر من ستين مليار دولار لغاية الآن دون جدوى، وانما في اصلاح الفساد الذي نخر هذا الجانب والبطالة المقنعة في الكوادر الغير مؤهلة في ادارة الوزارة مثل بقية الوزارات . ومن هنا وبسبب تهالك محطات التوليد القديمة الذي رافقته عمليات التخريب خلال السنوات الماضية؛ تزداد إثر ذلك ساعات انقطاع التيار الكهربائي عن المواطنين من (14-20) ساعة يومياً في ايام الحاجة الفعلية ؛ وهو ما حرى بهم أن يعتمدوا مولدات الطاقة الأهلية المكلفة والتي تثقل كاهل المواطن ، أو المولدات المنزلية الصغيرة وكلتاهما تضيف أعباء مادية كبيرة على الأهالي وكل ما يمكن أن تقوم بها الحكومة فى المرحلة الحاليّة لن تتعدى تدابير مؤقتة الترقيعية وتبذل خلالها جهداً مضاعفاً لخدمة هذا القطاع تحت ظروف ضاغطة لا تساعد مطلقاً فى إنجاز أىّ عمل أو تنفيذ مشاريع فى مستوى التحدى اليوم فى طول البلاد وعرضه دون وجود استراتيجية عمل بعد فقد هذا القطاع المليارات من الدولارات من اجل تحسينه وذهبت جميعها لجيوب الفاسدين و صرفت هذه الاموال التي تبلغ حسب تصريح لجنة النفط والكهرباء البرلمانية وظهرة في تحقيقها مبلغ قيمته (62) مليار دولار، منذ عام (2005) فقط لقطاع الكهرباء ولحد الآن. دون ان يشهد هذا القطاع أي تحسن بل بالعكس شهد تراجعاً أسوأ من السابق في تفاقم الازمة وساعات تشغيل التيار الكهربائي في الانقطاعات لساعات طويلة ، وكان في الامكان من استغلال هذه المليارات في تصنيع هذه الطاقة و توفير الاكتفاء الذاتي في تجهيزها طوال اليوم وتصدير الفائض منها دون الحاجة لاجبارالدولة للاعتماد على الاستيراد الخارجي التي تثقل الخزينة . من المعلوم ان أىّ خطط أو جهود ممكنة تعتمد على محاولة التعايش فقط مع الواقع مع ضغوط تفاقم القطوعات المتكررة للخدمة ومحاولات ترشيدها أو برمجتها وفقاً لما هو متاح من التوليد ومستوى الإستهلاك بينما فيما تظل المشكلة عالقة بصورة مضطردة نتيجة لتصاعد الحاجة مع قلة العرض، أى التوليد، والسبب الأساسي فى ذلك يتمثل فى عدم توفر حرص وطني كافي لتوليد الكهرباء بالبلاد الذي ينبغي أن تمضي وزارة الكهرباء بجرأة لتحقيقها ، خدمة للمصلحة العامة ،والاتجاه نحو الجباية الشاملة للكهرباء، ، وهذه قاعدة اقتصادية معروفة، فلا ترشيد لاي سلعة او تجارة دون أن يكون لهذه السلعة كلفة معقولة لقيمة الانتاج . ومع الاسف ان العراق رغم مساحته التي لا تدل على كونه شاسعة لا يتمتع بمصادرحتى طاقويّة تقليديّة يمكن إستغلالها لتوليد الكهرباء بكميّات كبيرة وتجاريّة تتناسب مع إرتفاع الطلب بجانب سوء استفادة السكان من الاجهزة الغير كفوءة والمستورة من شركات خارجية غير رصينة ومناطق الإستهلاك فى مناطق متباعدة الأمر الذى يستلزم مد خطوط إمداد طويلة ومكلفة لنقل وتوزيع الكهرباء في مناطق الإستهلاك فى وسط البلاد وشرقه وغربه وتظل مقترحات المشاريع لربط المدن بالشبكة الرئيسية عبر اسلاك متهالكة لا تفي بالغرض المطلوب وما يكتنف ذلك من غموض وتحديات امنية.ولا يخفى على احد طبعاً هناك اسباب كثيرة اخرى مهمة تؤدي إلى تراجع مستوى تجهيز الطاقة الكهربائية، على رأسها ارتفاع درجات الحرارة وزيادة استهلاك الطاقة وازدياد الطلب ، تسبّب بزيادة الأحمال، كما ان عدم إقرار الميزانية وتوقّف التمويل تنتج عنها التأخير في الصيانة الدورية والاضطرارية للوحدات الإنتاجية بشكل دائم وضخ الوزارة بدماء جديدة فاعلة واعدادهم بدورات خارج الوزارة من الضرورات المهمة لتحصينهم قبل ان ينتقل وباء الفساد اليهم ،وعلى الوزارة ان تعمل في بذل الجهود لسدّ النقص الحاصل من خلال الاسراع في انجاز المحطات التي هي تحت الانشاء ، وادامة صيانة المحطات الإنتاجية العاملة بصورمستمرة وحماية الخطوط من الأعمال الإرهابية التي تستهدف خطوط نقل الطاقة المستمرة من خلال العبوات الناسفة بتطوير شرطة الحمايات وزيادة اعادادهم بنسب كافة ومحاسبة المقصرين منهم في اداء الواجب ، كي لا يوثّر على تراجع مستوى التجهيز ويذهب 5 ملايين عراقي الى الخارج على اقل تقدير واجبار الحكومة لفتح الحدود ويعني خروج الملايين من الدولارات.